خَواطر حَول أزمة الخُلق المسلم المعاصر -2-

 

 

الأخلاق المركبة:

قد نعجب أحياناً من صدور نوعين من السلوك من شخصين نراهما متماثلين في خلق من الأخلاق، ولكن هذا العجب يزول إذا أدركنا أن بعض الأخلاق أو بعض أنماط السلوك إنما يتشكل من خلقين أو أكثر، ولكي يصدر سلوك واحد من شخصين يستلزم تماثلهما في جميع الأخلاق المكوّنة لهذا السلوك، ولا يكفي التماثل في خلق واحد.

ومن أمثلة الأخلاق المركبة:

التقوى+إيجابية=                     ثورة على المنـــكر

التقوى+سلبية=                      صمت عن المنكر

الورع+تحرر فكري=              اجتهاد محكم

الورع+تقديس للسلف=        تقليد وجمود

الإخلاص لله+تسامح=         تعاون

الإخلاص لله+تعصب=        طائفية

العفة+إيجابية=                        نشاط محتشم

العفة+سلبية=                        عزلة خاملة

المحبة+يقظة=                         تعاون

المحبة+بلادة=                        مجرد عاطفة أو دعاء

وحدة البناء الخلقي:

في أية مؤسسة أو في أيِّ مجال ينبغي أن تتكامل وتتساند مجموعة من الأخلاق، حتى تنهض المؤسسة كلها ـ أو المجال كله ـ في وحدة متَّسقة.

وإلا صلحت جوانب وفسدت جوانب أخرى، وربما اختلت جميع الجوانب.

فمثلاً في مؤسسة كالجامعة:

* حب العلم وتقديره... خلق.

* والجد في التحصيل... خلق

* ونبل الهدف من التعليم... خلق

* واختيار التخصص حسب القدرة... خلق

* واختيار التخصص حسب تلبيته لحاجة المجتمع...خلق

* والاهتمام برسالة الجامعة العلمية والاجتماعية... خلق

* والاهتمام برسالة الجامعة الوطنية...خلق

* والأمانة في الأبحاث والامتحانات...خلق

* والحوار المهذب مع المخالفين...خلق

* وتدعيم الروح الجامعية بصفة عامة...خلق

* والاحتشام في الزي...خلق

* والاختلاط الجاد الهادف...خلق

فلم يرفع الإسلاميون ـ عادة ـ لواء خلق واحد، ويصرخون به بالليل والنهار، ويَدَعون بقية الأخلاق دون تقدير أو دون ممارسة أو دون دعوة لها أو دون حرب في سبيل تدعيمها إن كان لابدَّ من حرب؟

إن حرصنا على وحدة البناء الخلقي يعني الوعيَ الكاملَ للمجال الذي نعمل فيه أو للمشكلة التي نعالجها، كما يعني صحَّة الاتجاه نحو الإصلاح الجذري لا الشكلي أو الترقيعي. 

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ( 1).

 

ينظر رابط الحلقة الأولى هنا

---------------------------

([1]) حديث صحيح ورد تحت رقم 45 في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين