الحوار مع الشيخ أحمد الحجي الكردي -

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة الأستاذ الدكتور العلامة الشيخ الفقيه أحمد الحجي الكردي خبير الموسوعة الفقهية بالكويت ، وعضو هيئة الفتوى ، حفظه الله تعالى ورعاه:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد:
فأرجو من الله تعالى أن تكونوا بخير وعافية ...
كما أرجو منكم التفضل بالإجابة على هذه الأسئلة، التي نتوخى من ورائها الفائدة العلمية والشرعية ... محبكم: فياض العبسو

الأخ الأستاذ فياض العبسو حفظه الله تعالى السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد:

فجوابا على أسئلتكم أجيب بما يلي:

ـ بداية ... حبذا لو أعطيتمونا نبذة عنكم وعن آخر أعمالكم ونتاجكم العلمي.
مختصر السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور أحمد الحجي الكردي حفظه الله ورعاه
الاسم: أحمد الحجي الكردي.

التولد: 1358هـ – حلب – الجمهورية العربية السورية.

الجنسية: عربي سوري.

العنوان الحالي: الكويت-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية- ص ب /13/ الصفاة – الرمز البريدي /13..1 – هاتف وفاكس المنزل /5750153/ - هاتف وفاكس المكتب /2468395/ .

الوظيفة الحالية:

خبير في الموسوعة الفقهية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت.
الوظائف السابقة:

مأمور أوقاف الباب وتادف. من عام 1962 – 1963م.

مدرس تربية إسلامية في سورية = 1964 – 1964م.

معيد في كلية الشريعة من جامعة دمشق = 1964 – 1971م.

مدرس في كلية الشريعة من جامعة دمشق= 1971 – 1976م.

أستاذ مساعد = 1976 – 1981م.
أستاذ في =1981 – 20001م.
رئيس قسم علوم القرآن والسنة بجامعة دمشق= 1983 – 1987م.
وكيل كلية الشريعة بجامعة دمشق = 1985 – 1987م.
محاضر في جامعة حلب في سوريا = 1982 – 1993م.
محاضر في جامعة بنيغازي في ليبيا = 1972 – 1974م.
محاضر في كلية الإمام الأوزاعي ببيروت = 1981 – 1982م.
محاضر في كلية المقاصد الإسلامية ببيروت = 1989 – 1993م.
منتدب لكلية الشريعة بالكويت = 1993 – 2001م.
عضو هيئة الفتوى بوزارة الأوقاف الكويتية = 1993 – إلى اليوم.
عضو لجنة الفتوى ببيت الزكاة الكويتي = 1995 - إلى اليوم.
الشهادات العلمية الجامعية:
- الدكتوراه في الفقه المقارن-أحوال شخصية- من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر لعام 1970 م.
- الماجستير في الفقه المقارن من كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر لعام 1967م.
- الماجستير في التفسير من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر لعام 1968م.
- العليا في التربية من كلية التربية بجامعة الأزهر لعام 1965م.
- الليسانس في الشريعة من كلية الشريعة بجامعة دمشق لعام 1963م.
المؤلفات العلمية المطبوعة:
1- أحكام المرأة في الفقه الإسلامي.
2- بحوث في الفقه الإسلامي.
3- فقه المعاوضات.
4- المدخل الفقهي.
5- الأحوال الشخصية(الأهلية والنيابة الشرعية والوصية والوقف والتركات).
6- أحكام الوقف في الفقه الإسلامي.
- دعوى الحسبة في الفقه الإسلامي .
7- الدرر الحسان في أحكام الحج على مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان.
8- مشكلات أسرية وعلاجها على ضوء الشريعة الإسلامية والقانون.
9- بحوث وفتاوى فقهية معاصرة ج1-2.
10- موجز أحكام الزكاة والنذور والكفارات في الفقه الإسلامي.
11- أحكام المرضى في الفقه الإسلامي (مراجعة).
12- الكفاية في الفرائض (تحقيق).
13- موجز أحكام الحج والعمرة.
المقالات العلمية:
عدد من المقالات العلمية المحكَّمة وغير المحكَّمة تزيد على الخمسين مقالا، نشرت في عدد من المجلات العربية والإسلامية، منها: مجلة الوعي الإسلامي الكويتية- مجلة نهج الإسلام السورية – مجلة هدي الإسلام الأردنية – مجلة رابطة العالم الإسلامي السعودية – مجلة كلية الآداب الليبية – مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية الكويتية – مجلة المحامون السورية.
الإشراف على الرسائل العلمية الجامعية:
أشرفت على عدد من الرسائل الجامعية للماجستير والدكتوراه، وشاركت في مناقشة العديد منها، في عدد من الجامعات العربية والإسلامية.
السؤال الأول:
هل لكم أن تعطونا نبذة عن الموسوعة الفقهية وتاريخها ومشرفيها ...
ج1)) الموسوعة الفقهية التي أصدرتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت، هي موسوعة شاملة للفقه الإسلامي بمذاهبه الأربعة: الحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، وقد بدأ العمل فيها منذ أواسط الستينات من القرن الميلادي الماضي، وتمت بفضل الله تعالى في عام 2008م، وهي تتألف من /45/ مجلدا، تحوي مجموع الفقه الإسلامي بكل أقسامه وأنواعه وبحوثه في حدود المذاهب الأربعة المذكورة، وهي مرتبة بحسب حروف الهجاء لكل مصطلح من مصطلحاتها، مما يميزها ويسهل أمر المراجعة فيها، وفيها عزو للآيات الكريمة لمواطنها من المصحف الشريف، وتخريج للأحاديث الشريفة التي استشهدت بها في بحوثها، وترجمة للأعلام من العلماء الذين ذكرت مذاهبهم وآراءهم، وقد قام بتحريرها نخبة من علماء المسلمين من شتى أنحاء المعمورة، ودققها نخبة من علماء المسلمين، فجاءت درة نادرة بين الكتب والمراجع الفقهية عامة، يحتاج إليها المختصون والعامة على سواء، كل على قدر حاجته إليها، وقد سجلت على قرص مدمج يباع بثمن زهيد يجمع جميع بحوثها ومجلداتها، وفيه قاعدة بيانات متقدمة، كما أنزلت على شبكة الإنترنت ليستفيد منها كل مسلم في كل مكان، ورمزها هو:
www.maosuaa-kuwait.com.
السؤال الثاني:
بعد الانتهاء من عمل الموسوعة الفقهية، تقومون الآن كما علمنا، بعمل فتاوى شرعية، حبذا لو أعطيتمونا فكرة عن هذه الفتاوى، وإلى أين وصلتم، في هذا العمل الجليل؟
ج2)) إلى جانب عملي في الموسوعة الفقهية أسندت إليَّ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت القيام بالإجابة على فتاوى المستفتين من شتى أنحاء العالم على شبكة الإنترنت على موقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت، ورمزه: www.islam.gov.kw، وقد بلغ عدد الفتاوى المنجزة إلى اليوم /5000/ فتوى، وتجري الإجابة على الفتاوى في هذا الموقع يوميا، وتصل الفتوى المرسلة من المستفتي إلى موقعه الذي أرسل منه فتواه في خلال يومين على الأكثر.
وذلك إلى جانب ما تقوم به هيئة الفتوى في الوزارة من الإجابة على الفتاوى الواردة إليها من كل مكان، وقد طبع أكثرها في /15/ مجلدا إلى اليوم، ولا زال الطبع مستمرا للفتاوى الجديدة.
السؤال الثالث:
كثر المتصدرون للفتوى في هذا العصر ممن لم تتوفر فيهم شروط المفتي، دونما محاسبة من أحد، فوقع الناس في حيرة من أمرهم، فما ضوابط الفتوى في الشريعة الإسلامية الغراء؟
ج3)) الكلام في هذا الموضع يحتاج إلى وقت طويل وصفحات كثيرة يضيق المجال هنا عن استيعابها، ولهذا فإنني سوف أبين لكم أهم شروط الفتوى الشرعية، وهي:
(أ) الإسلام: فلا تصح فتيا الكافر.
(ب) العقل: فلا تصح فتيا المجنون.
(ج) البلوغ: فلا تصح فتيا الصغير.
(د) العدالة: فلا تصح فتيا الفاسق عند جمهور العلماء، لأن الإفتاء يتضمن الإخبار عن الحكم الشرعي، وخبر الفاسق لا يقبل، واستثنى بعضهم إفتاء الفاسق لنفسَه، لأنه يعلم صدق نفسه.
وذهب بعض الحنفية إلى أن الفاسق يصلح مفتياً، لأنه يجتهد كي لا ينسب إلى الخطأ.
وقال ابن القيم: تصح فتيا الفاسق، إلاّ أن يكون معلناً بفسقه وداعياً إلى بدعته، وذلك إذا عمّ الفسوق وغلب، لئلا تتعطل الأحكام، والواجب اعتبار الأصلح فالأصلح.
وأما المبتدعة، فإن كانت بدعتهم مكفّرة أو مفسقة لم تصح فتاواهم، وإلاَّ صحّتْ فيما لا يدعون فيه إلى بدعتهم، قال الخطيب البغدادي: تجوز فتاوى أهل الأهواء ومن لا نكفّره ببدعته ولا نفسّقه.
(هـ) الاجتهاد: وهو: بذل الجهد في استنباط الحكم الشرعي من الأدلة المعتبرة، لقوله تعالى: {قل إنّما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا باللّه ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على اللّه مالا تعلمون}.
قال الإمام الشافعي فيما رواه عنه الخطيب: لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله، إلاّ رجلاً عارفاً بكتاب الله: بناسخِهِ ومنسوخه، ومُحْكَمه ومُتشابهه، وتأويله وتنزيلـه، ومكّيـه ومدنيـّه، وما أُريد بـه، ويكون بعـد ذلك بصيراً بحديـث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيراً باللغة، بصيراً بالشعر، وما يحتاج إليه للسنة والقرآن، ويستعمل هذا مع الإنصاف، ويكون مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإلاَّ فليس له أن يفتي. وهذا معنى الاجتهاد.
ونقل ابن القيّم قريباً من هذا عن الإمام أحمد.
ومفهوم هذا الشرط: أن فتيا العامّي والمقلّد الذي يفتي بقول غيره لا تصح، قال ابن القيم: وفي فتيا المقلد ثلاثة أقوال:
الأول: ما تقدم، وهو أنه لا تجوز الفتيا بالتقليد، لأنه ليس بعلم، ولأن المقلد ليس بعالم، والفتوى بغير علم حرام، قال: وهذا قول جمهور الشافعية وأكثر الحنابلة.
الثاني: أن ذلك يجوز فيما يتعلق بنفسه، فأما أن يتقلد لغيره ويفتي به فلا.
والثالث: أنه يجوز عند الحاجة وعدم العالم المجتهد، قال: وهو أصح الأقوال، وعليه العمل.
وقال ابن دقيق العيد: توقيـف الفتيا علـى حصول المجتهد يفضي إلى حـرج عظيـم، أو استرسال الخلق فـي أهوائهـم، فالمـختار أن الراوي عـن الأئمة المتقدمين إذا كان عدلاً متمكناً مـن فهم كلام الإمام، ثم حكى للمقلد قولـه فإنه يكفيه، لأن ذلك مما يغلب على ظن العامّيِّ أنه حكم الله عنده، قال: وقد انعقد الإجماع في زماننا على هذا النوع من الفتيا.
قال الزركشي: أما من شَدَا (جمع) شيئاَ من العلم فقد نُقل الإِجماع على أنه لا يحل له أن يفتي.
وليس لمن يفتي بمذهب إمام أن يفتي به إلاَّ وقد عرف دليله ووجه الاستنباط.
قال ابن القيم: لا يجوز للمقلِّد أن يفتي في دين الله بما هو مقلِّد فيه وليس على بصيرة فيه سوى أنه قول مَنْ قلَّده، هذا إجماع السلف وبه صرح الشافعي وأحمد وغيرهما.
وقـال الجُويني فـي شرح الرسالة: مـن حفظ نصوص الشافعي وأقوال الناس بأسـرها، غير أنـه لا يعرف حقائقها ومعانيها لا يجـوز له أن يجتهد ويقيس، ولا يكون من أهـل الفتوى، ولو أفتى بـه لا يجوز.
والأصح عند الحنفية أن المجتهد فـي المذهب ـ مـن المشايخ الذيـن هـم أصحـاب الترجيح ـ لا يلزمه الأخـذ بقـول الإمام على الإطلاق، بـل عليه النظر في الدليـل وترجيح ما رجح عنـده دليله، فإن لـم يكـن كذلك فعليه الأخـذ بأقوال أئمـة المـذهب بترتيب التزمـوه، وليس لـه أن يختار ما شاء،
وكـذا صرَّح الحنفية والشافعية والحنبلية بأنه ليس له أن يتخيَّر في مسألة ذات قولين، بل عليه أن ينظر أيهما أقرب إلى الأدلة أو قواعد مذهبه فيعمل به، قال ابن عابدين: صرح بذلك ابن حجر المكي من الشافعية ونقل الإجماع عليه، وسبقه إلى حكاية الإجماع فيه ابن الصلاح والباجي من المالكية، وإذا كان يعلم أن الصواب في قول غير إمامه وكان له اجتهاد فله أن يفتي بما ترجح عنده.
وليس للمفتي المقلد أن يفتي بالضعيف والمرجوح من الأقوال على ما صرح به الحنفية والمالكية والحنبلية، بل نقل الحصكفي أن العمل بالقول المرجوح جهل وخرق للإجماع، وصرح الحنفية بأن ليس للمفتي المقلد الإفتاء بالضعيف والمرجوح حتى في حق نفسه، خلافاً للمالكية الذين أجازوا له العمل بالضعيف في حق نفسه.

وما رجع عنه المجتهد من أقواله فلا يجوز للمقلّد الإفتاء به، لأنه برجوعه عنه لم يعد قولاً له، وهذا ما لم يرجحه أهل الترجيح، ومن هنا ترك القديم من أقوال الشافعي التي خالفها في الجديد، إلاّ مسائل معدودة يعمل فيها بالقديم رجحها أهل الترجيح من أئمة الشافعية، قال الإمام الشافعي: ليس في حِلٍّ من روى عني القديم
(و) جودة القريحة: ومعنى ذلك أن يكون كثير الإصابة، صحيح الاستنباط، فلا تصلح فتيا الغبي، ولا من كثر غلطه، بل يجب أن يكون بطبعه شديد الفهم لمقاصد الكلام ودلالة القرائن، صادق الحكم، وقد تقدم في كلام الشافعي: أن تكون له قريحة، قال النووي: شرط المفتي كونه فقيه النفس، سليم الذهن، رصين الفكر، صحيح النظر والاستنباط، وهذا يصحح فتياه من جهتين:
الأولى: صحة أخذه للحكم من أدلته.
والثانية: صحة تطبيقه للحكم على الواقعة المسؤول عنها، فلا يغفل عن أي من الأوصاف المؤثرة في الحكم، ولا يعتقد تأثير مالا أثر له.
(ز‌)الفطانة والتيقظ: يشترط في المفتي أن يكون متيقظاً، قال ابن عابديـن: شرط بعضهم تيقـظ المفتي، قـال: وهذا شرط في زماننا، فلابد أن يكـون المفتي متيقظاً يعلـم حيل النـاس ودسائسهم، فإن لبعضهم مهارة في الحـيل والتزوير وقلب الكـلام وتصوير الباطل في صورة الحق، فغفلة المفتي يلـزم منها ضرر كبير فـي هـذا الزمان،
وقال ابن القيم: ينبغي للمفتي أن يكـون بصيراً بمكـر الناس وخداعهم وأحـوالهم، فـإن لم يكن كذلك زاغ وأزاغ، فالغِرّ يـروج عليـه زَغَل المسائل كما يروج على الجاهل بالنقد زَغَل الـدراهم، وذو البصيرة يخـرج زَيْفَها كما يخرج الناقد زَغَل النقود، وكم من بـاطل يخرجه الرجـل بحسن لفظـه وتنميقه فـي صورة حـق، بل هذا أغلب أحوال الناس، فإن لم يكن المفتي فقيهاً في معرفة أحوال الناس تصور له المظلوم في صورة الظالم وعكسه .
ومما يتعلق بهذا ما نبه إليه بعض العلماء من أنه يشترط في المفتي أن يكون على علم بالأعراف اللفظية للمستفتي، لئلا يفهم كل

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين