وجهة نظر في الثورة السورية

 

ليس القصد من هذا المنشور رفع معنويات أو خفضها وإنما التعبير عن وجهة نظري في هذه الثورة ...

1- هذه الثورة انفجار مجتمعي سببه عجز النظام الحاكم طوال ستةعقود عن تحقيق الحد الأدنى من حاجات المجتمع المعنوية والمادية. ما كان للسوريين بعد كل هذا الحرمان والاحتقان ألا يثوروا إلا في حالة واحدة، لو لم يكونوا بشراً!

2- لو كان عند الناس الوعي الكافي ليتجنبوا الإشكالات التي ظهرت في الثورة لما احتجنا إلى ثورة أصلاً. ما نلاحظه من ضعف في الوعي وضمور في القدرات على المستويين الشخصي والجماعي هو نتيجة طبيعية لتعطيل القدرات وتجهيل الناس. عندما اجتمع شباب داريا عام 2003 لتنظيف شوراع مدينتهم دكوا في السجون. تطور الوعي عند شبابنا يحدث بشكل تدريجي وتراكمي وسريع نسبياً قياساً إلى تاريخ الشعوب. الكثيرون ممن ساهموا في الثورة تعلموا في عدة سنوات ما لم يكونوا ليتعلموه في الظروف الطبيعية في عشرات السنين. 

3- الكثيرون ممن استلموا دفة القيادة في المجالين السياسي والعسكري لم يكونوا مؤهلين لأننا لسنا في وضع مستقر يوجد فيه شواغر وظيفية يتم فيها اختيار الأكفأ والأكثر إخلاصاً. الجرأة هنا أهم من الخبرة، والتسلق ممكن جداً. لكن مرة أخرى هذا أمر طبيعي ومؤقت فمع الوقت تفرز الساحات رجالها على كل الصعد، ويكثر الداخلون إليها نتيجة إعداد لا اندفاع ويكثر الخارجون منها بسبب الفشل في كسب ثقة الناس. 

4- نحن السوريون لم نكن موجودين قبل الثورة بالمعنى الإنساني للوجود، لم نكن موجودين كشعب له كرامة وإرادة. لحظة الثورة كانت لحظة ولادة السوريين كشعب يريد أن يلعب دوراً في هذا العالم. من الطبيعي أن تكون حركات الوليد عشوائية وقدرته على التعبير محدودة ومن الطبيعي أيضاً أن قوى الشرق والغرب التي تملك من الأدوات والقدرات أكثر بكثير مما يملكه هذا الوليد الناشئ أن تنجح في البداية في جره إلى حيث تريد هي لا إلى حيث يريد هو، لكن الوليد تستقيم خطواته ويملك المزيد من أمره كلما عركته الأيام. 

5- في تقديري أننا نحتاج إلى جيل تقريباً (عشرين عاماً) حتى ترتفع نسبة الوعي عند السوريين إلى درجة تمكنهم من الاستقلال الحقيقي وبناء دولة يفتخرون بها بين الأمم. 

6-  أخيراً لنتذكر أنه لولا الثورة لما كنا نتحدث اليوم عن سوريين أو وعي أو بناء وإنما عن الشركات الجديدة التي أنشأها رامي مخلوف!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين