وهلت مواسم الخيرات فتزودوا

 

تهانينا تهانينا، يا صحبة في الله نحبكم، ولا تحلو الحياة بدونكم، وقد هلت مواسم الخيرات ، نجدد معها الايمان، ونحطم اليأس، ونحيي الأمل، ونصفي النفوس، ونوحد الصفوف، وتهمل قلوبنا الأسباب؛ وتتعلق بمسبب الأسباب، وقد زودتنا أيامها بكل ما يجدد هذه المعاني في قلوبنا  بروعة إطلالتها ،وبهاء قدومها، وصيامها وقيامها،  وذكرها وقرآنها، وأحداثها وملاحمها، فلا تمر علينا الا وقد صاغت منها قلوبا جديدة، ملؤها الايمان، الله غايتها، والرسول         قدوتها ، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها ، والموت في سبيل الله أسمي أمانيها.... فاللهم أهلها علينا بالامن والايمان، والسلامة والاسلام ..

وما أعظمها من أيام، وما أعظم بركتها، وما أعظم الزاد الذي تزود به من يتعرض لها، فهي نفحة من نفحات الله، فلنتزود منها بما يعيننا علي مواصلة المسير في طريق ثورتنا حتي يحكم الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين. 

وليكن زادنا الثوري الاول ونحن في بداية هذه النفحات     الربانية توبة نصوحا الي الله وثورة حقيقية علي جوانب التقصير في حق العبودية وعلي ما خلفه الهوي في قلوبنا من أدران.....وليكن أول ما تتزود منه أيها الثائر المجاهد في هذه الشهور المباركة الصلاة ،وليتني كنت أخي الحبيب وأنا أسدي إليك نصيحتي ممن يعطونها قدرها ويتعبدون الي الله بأسرارها ، ولكنه واجب التناصح بين أفراد الأمة تنبيها للغافلين ومعونة للعاقلين وسبيلا الي الله رب العالمين.                                          

إنها  الفريضة التي تتعلق بها القلوب بالله فلا تلجأ الي أحد سواه،تدعوه فيها بأسمائه الحسني وصفاته العليا،وتتعرف بها عليه قويا قادرا لا يعجزه شيء في

الارض ولا في السماء، جبارا يجبر كسرها ويداوي جرحها ويقوي ضعفها ،قهارا لكل من علا وتجبر، لطيفا بها لا يريد لها الا الخير ويمهد لها كل سبيل الي رضوانه وعفوه ومغفرته ،فلتكن هذه علاقة قلبك بالله وانت في الصلاة ،فلا تنظر الي أسباب استفرغتها واعلم انك بين يدي مسبب الأسباب الذي أمره ما بين الكاف والنون إذا قال للشيء    كن فيكون

إذا حزبك ما تراه من استشراء ظلم الظالمين وهوان       الموحدين فاستشعر ان الله اكبر مع كل هتاف تهتف به في الصلاة، ولتوقن ان الله قادر عليهم وانه يمهلهم ولن يهملهم وان العاقبة للمتقين .                           

ولتتمسك بشرعيتك كما تمسكت بها في الصلاة ،فأنت الذي  اخترت إمامك فقدمت الأحق بها كما أرشدك رسول الله قويا في حفظه لكتاب الله وعلمه بسنة رسول الله أمينا علي أحكامها قائما بأركانها ،فطاعته عليك واجبة ومخالفته   عمدا تخرجك من حظيرة الايمان ،ومتابعته فيما يرضي الله عبادة بل ولا تصح صلاتك الا بها ،فتقوم إذا قام وتركع إذا ركع وتسجد إذا سجد لا تسبقه ولا تساويه فان خالف منهج الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وإذا نسي ذكرته ،وإذا استطعمك أطعمته ،وإذا أخطأ صوبته ،وهكذا تكون حياتنا بالصلاة تعاونا علي البر والتقوي حكاما ومحكومين ،طاعة مبصرة هدفها الوصول الي مرضاة الله وضابطها ان لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

أخي الثائر ..لنكن أقرب في هذه الايام الي الله ولنتزود

لثورتنا من الصلاة تعلقا بالله ويقينا بنصره ومعرفة بقدره مؤدين لها في أوقاتها مقيمين أركانها متعبدين بأسرارها وفقنا الله جميعا الي سجدة يرضي بها عنا..

ولك أيها الثائر المجاهد في كتاب الله خير زاد ، بتلاوته ينشرح صدرك وتطمئن نفسك ويسعد قلبك ويقوي أملك ويكثر خيرك ،وتفقه ماضيك وحاضرك ،وتستشرف مستقبلك ،ولم لا وهو كلام رب العالمين الذي خلقك وخلق لك الكون من حولك :"الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" فهو يعلم سرك وعلانيتك وضعفك وما توسوس به نفسك وما ينفعك ويضرك ،وهو أقرب إليك من حبل الوريد وأحن عليك من أبيك وأمك الذين كانا في صغرك لا يطعمان حتي تطعم ولا ينامان حتي تنام..وفي كبرك يستسيغان العلقم ولا ان تشاك بشوكة

اتل كتاب ربك وطالع فيه قصص المتجبرين وحالهم مع المؤمنين لتتعرف علي طبيعة الطريق وان ما تلاقيه في جنب الله هين بجانب ما لاقاه إخوانك الأوائل لتصبر صبرهم فتنال أجرهم:"ان فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم انه كان من المفسدين"

ولتعرف ان بعد العسر يسرا ،وان الليل مهما امتد فلابد وان يعقبه  الفجر  ،وان العاقبة للمتقين:"ونريد ان نمن علي الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين *ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون"

ولتثق في النصر مهما طال الأمد  وانتفش الباطل وظن

غيرك ان أهل الحق قد أحيط بهم:"حتي إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين"

ولتوقن أنك الأقوي طالما كنت في معية الله وان غيرك هو الأضعف ان بارز الله بالمعاصي حتي ولو كانوا علي قلب رجل واحد لوئد الحق ولو أنفقوا في سبيل ذلك  الدنيا بأسرها:"ان الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا الي جهنم يحشرون"

ثم لا تيأس إذا استفرغت الاسباب ولا تتعلق الا بمسبب الاسباب لان النصر من عنده وحده وكل شيء في الكون  يسير بأمره وتحت مشيئته وقدرته"تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير"

"وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم"

ولك أيها الثائر المجاهد الصابر المحتسب في الدعاء علي الظالمين في هذه الايام المباركة خير زاد ، فلتوقن وانت تدعو عليهم بأنك آويت الي ركن شديد لا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء ،يمهل ولا يهمل ،ويملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته "وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة ان أخذه أليم شديد" 

وتذكر وانت في دعائك كيف كانت مصارع الغابرين الذين كانوا هم أشد قوة من المنقلب وزبانيته ،وكيف كان ظلمهم   وكيف كان مكرهم "وان كان مكرهم لتزول منه الجبال"

وهم كذلك علي ظلمهم والمؤمنون علي صبرهم حتي جاء أمر ربك "حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون*فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين"

فثق بربك ،وثق بانه لن يخذلك ،وثق بان وعده حق ،وان العاقبة للمتقين  "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ان الله عزيز ذو انتقام"

واستشعر وانت تدعوه مع آلامك آلام إخوانك الذين سفكت دماؤهم في الميادين وآلام أسرهم وأطفالهم ،وآلام إخوانك في المعتقلات وما يلاقونه في سجون الظالمين من هول التعذيب والتهديد وما تلاقيه أسرهم من فقد عائلها ومن دفء قربه ،وتذكر آلام أمتك في كل العالم وخاصة في دول الربيع العربي والتي تتعلق آمالها بنجاح ثورتك ،كل هذا

حتي تخرج دعواتك من قلب مؤمن واثق في النصر مضطر يسأل ربه المدد والعون والخلاص والنصر.

فاللهم يا ربنا يا أرحم الراحمين ويا مجيب السائلين عجل بهلاك الانقلابيين ،المنقلب وحكومته ومن عاونه علي قتل إخواننا ومن برر له ظلمه ومن دلس علي الناس وألبس عليهم دينهم ومن ضلل الناس وحجب عنهم الحقيقة ومن علم الظلم وسكت عنه ومن فرح وشمت في دماء إخواننا وأحبابنا .

اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا أعظم من سئل يا الله 

اللهم نجنا وإخواننا من فرعون وعمله ونجنا من القوم الظالمين. 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين