سبب وَهْن المسلمين وتداعي الأمم عليهم

 

عن ثَوْبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا». فقال قائل: ومِن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟! قال: «بَلْ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ المَهَابَةَ مِنكُمْ، وَلَيَقذِفَنَّ اللهُ فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنَ». فقال قائل: يا رسول الله! وما الوَهَن؟ قال: «حُبُّ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَةُ المَوتِ».

أخرجه أبو داود (4299) وأحمد (37/82) بإسناد جيّد.

وله شاهد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «سمعت رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول لثوبان: «كَيفَ أَنتَ يَا ثَوبَانُ! إِذْ تَدَاعَتْ عَلَيكُمُ الأُمَمُ كَتَدَاعِيكُم عَلَى قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُصِيبُونَ مِنهُ؟». قال ثوبان: بأبي وأمِّي يا رسول الله! أَمِنْ قلَّةٍ بنا؟ قال: «لاَ؛ أَنتُمْ يَومَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِن يُلْقَى فِي قُلُوبِكُمُ الوَهَنُ». قالوا: وما الوهَن يا رسول الله؟! قال: «حُبُّكُمُ الدُّنيَا وَكَرَاهِيَتُكُمُ القِتَالَ».

أخرجه أحمد (14/331). وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/563): «وإسناده جيّد».

 

 وقد تضمّن هذا الحديث العظيم فوائد جمّةً وحِكمًا بليغة، أبرزها فيما يلي:

الأولى: قوله: «يُوشِكُ»، أوشك من أفعال المقاربة، وهذا يدلُّ على قرب وقوع الفعل، ويكون ذلك بعد وفاته – صلَّى الله عليه وسلَّم -؛ وأمَّا في حياته – صلَّى الله عليه وسلَّم -؛ فإنَّ الله نصره بالرُّعب، وقذف في قلوب أعدائه الوهن، وإنْ تداعَوْا عليه كما في غزوة الخندق. وهذا يتضمَّن أنَّ هذا الأمَّة تكون منصورةً ما كانت على عهد النبوة، وذلك بالاستقامة على دينها، والتَّمسُّك بكتاب ربِّها وسنَّة نبيِها– صلَّى الله عليه وسلَّم -، مهما تحالف عليها أعداؤها. ولهذا لما أخرج هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - الدُّنيا من قلوبهم، وأحبُّوا الموت في سبيل الله تعالى، نصرهم الله سبحانه، ومكَّنهم في الأرض، وشتَّت شمل عدوهم، ومزَّقهم كل مُمَزَّق، وقذف في قلوبهم الرُّعب.

ويشهد لهذا ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: «لاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى أَمْرِ اللهِ قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِم لاَ يَضُرُّهُم مَن خَالَفَهُم حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ وَهُم عَلَى ذَلِكَ» رواه مسلم (1924).

الثانية: وفيه ماكان عليه النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - من الشَّفقة على أمَّته، وخوفه عليها من الفِتن، وتحذيره منها، وقد وصفه الله - عزَّ وجلَّ - في كتابه فقال: (عَزِيزٌ عَلَيهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ )؛ التوبة: 128. 

ويشهد له ما رواه عروة بن الزُّبير رضي الله عنه- أنَّ زينب بنت أبي سلمة حدَّثتْه عن أمِّ حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش - رضي الله عنهنَّ -: «أنَّ النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - دخل عليها فزِعًا يقول: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ! وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ». وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها. قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله! أنهلِك وفينا الصَّالحون؟! قال: «نَعَمْ؛ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ» متفق عليه.

الثالثة: وفيه إشارةٌ إلى أنَّ من أسباب تسلُّط الكفَّار على المسلمين، وقوعَ الفتن بين المسلمين. قال الحافظ ابن حجر في تعليقه على حديث «وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ»: «المرادُ بالشَّرِّ ما وقع بعدَه من قتلِ عثمان، ثمَّ توالت الفِتن حتى صارتِ العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكَلَة كما وقع في الحديث الآخر»، ثم ذكر حديث ثوبان. انظر «فتح الباري» (13/107). 

ومن تأمَّل ما يجري في العالم الإسلامي القديم والحديث من الفِتن ما ظهر منها وما بطن، أيقن أنَّ هؤلاء الكفَّار يثيرون هذه الفتن بين المسلمين، ويحمون الوطيس ليبرِّروا تدخُّلَهم العسكري في ديار المسلمين، فيتداعى بعضهم بعضاً على قصعتهم ليتقاسموا ثَرَواتِهم، والله المستعان.

 الرَّابعة: وفيه دلالةٌ على أنَّ هؤلاء الكفَّار مِلَّتُهم واحدةٌ، وهي تآلفُهم وتوحُّدُهم على المسلمين، لقوله: «تَدَاعَى عَلَيكُمُ الأُمَمُ»، أي: بأنْ يدعوَ بعضُهم بعضاً، والتَّداعي: الاجتماع ودعاء البعض بعضاً، فهم وإنْ كانوا مختلفين، وبينهم عداوة شديدة، فإنَّهم على محاربة الإسلام وأهله متَّفقون، قال تعالى: (وَقَالَتِ اليَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُودُ عَلَى شَيْءٍ)البقرة: 113.، وقال سبحانه: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ..)البقرة: 120.

الخامسة: وفيه إشارةٌ إلى أنَّ هؤلاء الكفَّار، قد انطَوَوْا على الحقد الدَّفين والبغض الشَّديد للمسلمين، ولهذا شبّههم النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - في شراستهم بالأَكَلَة الجِياع التي اجتمعت على القصعة، تنهش لحمَها من كل جانب.

وإنَّ التَّاريخ ليشهد عليهم ما فعلوه بالمسلمين في الماضي والحاضر من الجرائم العظام، والإبادات الجماعية في مختلف الدُّول الإسلامية.

السَّادسة: وفي إشارة إلى أنَّ هؤلاء الكفَّار سيحتلُّون ديار المسلمين، ويعيثون فيها فساداً، وذلك بكسر شوكتهم، واستباحة بيْضَتهم، وسلب ممتلكاتهم، والاستيلاء على ثَرَواتهم، لقوله: «كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا».

السابعة: وفيه من إعلام النُّبوة، حيث أخبر النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - عن أمرٍ غيبيٍّ، وهو ما يصيب هذه الأمَّة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فوقع طبقَ ما أخبر به، فهو دليلٌ قاطعٌ على أنَّه – صلَّى الله عليه وسلَّم - يتكلَّم بمحض الوحي، قال تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَلَى الْهَوَى إِنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) النجم: 4-3. فقد تداعت أمم الكفر على المسلمين، ووقعت أكثر الدُّول الإسلاميَّة تحت نير الاحتلال، وذاقت منه ألوان العذاب، كما في الحروب الصَّليبية، واجتياح التتر البلاد الإسلامية، ونحو ذلك. 

وفي العصر الحديث ظهرت هذه العلامة بصورة أوضح لا تخفى على أحد، حيث تحالف هؤلاء الكفَّار - على اختلاف مِللهم ونِحلهم - على المسلمين، وقسَّموا العالم الإسلامي إلى دُوَيلاتٍ متنافرةٍ متناطحةٍ، فسَهُل عليهم احتلالُها، فتقاسموها، وقدَّموا فلسطين – بعدما مزَّقوا الشَّام شامة الإسلام - إلى اليهود على طبقٍ من ذهبٍ. ولا يزالون متحالفين متداعين على العالم الإسلامي لتمزيقه، ونهب ثرواته، والاستيلاء على خيراته، وإلى الله المشتكى.

الثامنة: وفي الحديث دَلالة على أنَّ النصر، ليس بكثرة العدد، وقوَّة المدد، بل بتأييد الله تعالى وعونه، لقوله: «ومِن قِلَّة نحن يومئذٍ»، فبيَّن أنَّ سبب التَّداعي ليست هي قلَّة عددكم، لأنَّ الله تعالى نصر المسلمين وهم قِلَّة ذِلَّة في غزوة بدر ، قال تعالى: (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُم أَذِلَّةٌ ..) آل عمران 123، وكذا في غزوة الخندق، وقد تحزَّب عليهم أعداؤهم. بينما ألحق بهم الهزيمة في غزوة حُنَيْن لما اغترُّوا بقوّتهم وكثرة عددهم، قال تعالى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُم كَثْرَتُكُم فَلَمْ تُغْنِ عَنكُم مِنَ اللهِ شَيئًا )التوبة: 25، وهذه العبرة لأولئك الذين جعلوا معايير النصر هي التَّكتُّلات والتَّحزُّبات والتَّباهي بكثرة الأتباع.

ومما يؤكد هذا المعنى: وصية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ومن معه من الأجناد حينما أرسله في أحد فتوح العراق: أما بعد، فإني آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإنَّ تقوى الله أفضلُ العدَّة على العدوِّ، وأقوى المكيدة في الحرب. وآمرك ومن معك أن تكونوا أشدَّ احتراساً من المعاصي منكم من عدوِّكم، فإنَّ ذنوبَ الجيش أخوفُ عليهم من عدوِّهم. وإنَّما يُنصَرُ المسلمون بمعصية عدوِّهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوَّة، لأنَّ عددَنا ليس كعددهم، ولا عدَّتنا كعدَّتهم. فإذا استوينا في المعصية، كان لهم الفضلُ علينا في القوَّة، وإلا نُنْصَرْ عليهم بفضلنا لم نغلبْهم بقوَّتنا. واعلموا أنَّ عليكم في مسيركم حَفَظَةً من الله يعلمون ما تفعلون، فاستَحْيوا منهم، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله، ولا تقولوا إنَّ عدوّنا شرٌ منا فلن يُسلَّطَ علينا وإنْ أسأْنا، فرُبَّ قومٍ سُلِّط عليهم شرٌ منهم، كما سُلِّط على بني إسرائيل – لما عملوا بمساخط الله – كُفّارُ المجوس ?فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً ? [الإسراء: 5 ] . واسألوا الله العونَ على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوّكم.

التاسعة : وفيه دلالة على أنَّ هؤلاء الكفَّار من أجبن خلق الله، فإنَّهم لا يقاتلون المسلمين إلا جميعاً، وأنَّهم يهابونهم، وذلك لقوَّة إيمانهم وشدَّة تعلُّقهم بربِّهم، قال تعالى: (لَأَنتُم أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَومٌ لاَ يَفْقَهُونَ)الحشر :13.

عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي (نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْر)ٍ ،وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ ،وَأُحِلَّتْ لِي الْغَنَائِمُ ،وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ" رواه البخاري ومسلم. 

وقال البخاري أيضاً:

باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ

{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ }آل عمران: 151.

قَالَهُ جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فإذا ترك المسلمون أسبابَ القوَّة، وهي: الإيمانُ الصَّحيح، نزع الله تعالى الرُّعب من قلوب الكفَّار، لقوله: «وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ الْمَهَابَةَ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ». 

ففيه العِبرة لمَنْ يدعو إلى تجميع الناس وتكتيلهم، قبل تصحيح عقائدهم وتثبيت الإيمان في قلوبهم.

العاشرة: وفيه تقرير لسنَّة الله الكونية التي لا تجد لها تبديلاً، ولا تجد لها تحويلاً، وذلك من حيثُ ربط الأسباب بمسبِّباتها، فإنَّ من أخذ بأسباب الوهن والضعف، وهي: حبُّ الدُّنيا وكراهيَّة الموت، نفذت فيه سنَّة الله الكونية، ووُكِلَ إلى الدُّنيا، وبُلِيَ بالوهن والضعف، فمن يَهُنْ يسهُلِ الهوانُ عليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ». قالوا: وما الوهن؟ قال:«حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوتِ». ورحم الله الشاعر الذي قال: 

مَنْ يَهُنْ يَسهُلِ الهوانُ عليه

مالِجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ

فمن أخذ بأسباب النَّصر نصره الله، ومن أخذ بأسباب الوهن أهانه الله.

 الحادية عشْرة: وفيه التَّحذير من الذُّنوب والمعاصي، وأنَّها من أهمِّ أسباب تسليط الكفَّار على المسلمين.

وفيه ذمُّ الدُّنيا والركون إليها، لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ»، وهما أمران متلازمان، فإنَّ حبَّ الدُّنيا يلزم كراهيَّة الموت.

وفيه التَّحذير من التَّكالب على الدُّنيا والتَّنافس فيها، فإنَّها من أهمِّ أسباب الهزائم التي تلحق بالمسلمين، وإلباسهم لباس الخوف والذُّلِّ والهوان، لقوله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: «إِذَا تَبَايَعْتُم بِالْعِينَةِ، 

وَأَخَذْتُم أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُم بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيكُم ذُلاًّ لاَ يَنزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» [رواه أبو داود (3464) عن ابن عمر، وهو حديث صحيح بطرقه. 

(بيع العينة هو : 

أن يبيع السِّلعة بثمن مؤجل ، ثم يشتريها مرة أخرى نقداً بثمن أقل) ،(وأخذتم أذناب البقر) كناية عن الاشتغال عن الجهاد بالحرث، (ورضيتم بالزَّرع) أي بكونه همَّتكم ونهمتكم (وتركتم الجهاد) أي: غزو أعداء الرحمن ومصارعة الهوى والشَّيطان، (سلط الله) أي أرسل بقهره وقوته (عليكم ذُلَّاً) بضم الذال المعجمة، وكسرها: ضعفاً واستهانة (لا ينزعه) لا يزيله ويكشفه عنكم (حتى ترجعوا إلى دينكم) أي: 

الاشتغال بأمور دينكم،

فإذا أرادت الأمَّة الإسلامية أن تنتصرَ على عدوِّها فلتطلِّقِ الدُّنيا، ولْتُخرجْها من قلبها، فإنَّ سلف الأمَّة ما انتصروا على أعدائهم إلا لمَّا جعلوا الدنيا في أيديهم، ولم يجعلوها في قلوبهم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين