جهاديات(3)

 

   من علاماتِ صدقِ العبد أن تستويَ سريرتُهُ وعلانيتُه،ومدحُ الناس وذمُّهم، ولو قامَ بعملٍ لدين الله تعالى ونُسِبَ لغيره لا يحزَن، ولو نُسِبَ إليه ما لم يعمَل تضايقَ ونفى ذلك عن نفسه بشدَّةٍ خَشيةَ أن يذكرَهُ الناسُ بما ليس فيه، وإذا قويَ الإخلاصُ فإنَّهُ لا يُزعجُهُ أن تُنسبَ إنجازاتُه لغيره، بل قد يفرحُ لسَتر الله عملَهُ عن الآخرين لأنَّه أدعى للقَبولِ وأرجى لثوابِ الآخرة،وهو يفرحُ لتحقُّقِ رفعَةِ الدين وسُمعَتِه لا رفعَةِ ذاته وسُمعَتِها.

  ثمَّ ماذا ؟!!

   ما يُقالُ في إخلاص الأفراد يُقالُ في إخلاص الجماعات، لأنَّ الجماعةَ ليست سوى أفراد، ورفعتُها رفعةٌ لأفرادِها، وذكرُها ذكرٌ لهم، ومدحُها مدحٌ لهم، وهنا حظُّ النفسِ الذي يَخفى على كثيرين!!!

  فمَن كان سعيُهُ لرفعَةِ جماعته وسمعتِها فحَسبُ دونَ لَحْظِ شُمولِ الدين، فعملُهُ مخدوشُ الإخلاص!

  ومَن حزِنَ لإنجاز غيرِه أنْ لم يكُن إنجازَهُ وتضايقَ لسماعِ مدحِ الجماهير له دونه، فهو كسابقه وزيادة!

  ومن احتَكرَ الإنجازَ لجماعته ورايتها وتعامى عن إنجازاتِ الآخرين ونفاها فهو كسابقه وزيادة!

  ومن نُسبَِتْ إليه إنجازاتُ غيرِه فسكتَ مُقِرًّا فهو راضٍ بالزور، وهو أشدُّ ممَّن قبلَه!

وأخطَرُ الجميع أن يقومَ هو بهذا التزوير ويتسلَّقَ على إنجازاتِ الآخرين فيُجرّدَهم منها ويدَّعيها لنفسه!!

يا ألله...كم بين هذا وبين الإخلاص!!

ومن ههُنا يأتي المَقتَل، وتذهبَ الريحُ ويحِلُّ الفَشَلُ !

وستأتيكَ التأويلاتُ والتخريجاتُ بعد ذلك بما يزيدُ الهوى هوى والعمى عمى.

اللهمَّ سلِّم سلِّم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين