رمضان شهر القرآن الكريم

 

 

        أحمد الله عز وجل وأشكره ، وأصلي وأسلم على حضرة رسوله الكريم عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام وبعد :

        فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك جمعنا، ويجعل لنا قسطاً من رحماته المنهمرة بهذه الأوقات الفاضلة الكريمة . فنحن الآن مجتمعون في بيت الله الحرام نستعيد الذكريات الطبية المجيدة التي مهما ذكرناها طربنا وانتشينا وفرحنا، وما هنالك فرح يعدل الفرح بالله وبرسوله وبهذا الإسلام . صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً وبارك الله تبارك وتعالى حقر الدنيا وآذننا بأن نفرح بفضله ورحمته علينا فقال : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) .

        الفرح بالله هو الفرح أما الفرح في هذه الدنيا فإنه بائر ، بل أن العلماء حرموا الفرح بها ، لأن الله سبحانه وتعالى يقرع أهل النار في النار إذ يخاطبون بما قص الله في كتابه علينا من قوله الكريم : ( ذلك بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ) وكذلك قال العقلاء من قوم قارون له : ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض أن الله لا يحب المفسدين ) ، وقالوا له : (لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ) فنحن إذا فرحنا ففرحنا بالله ، وإن هذه الذكريات التي تطيف بنا في هذه الليالي وهذه الأيام تعود إلى الإسلام ، إلى هذا الإسلام الذي هو الفضل الكبير من الله علينا والذي تمجد الله سبحانه وتعالى وتطول علينا به وقال يعرفنا هذا الفضل الكريم : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ربنا تبارك وتعالى أكمل لنا هذا الإسلام من كافة جوانبه وسائر نواحيه اعتقاداً وعبادة ومعاملة وسلماً وحرباً وبيوتات وأحوالاً شخصية وأجزية وعقوبات ومواريث وأخلاقيات ، فالإسلام كامل وفيه الكفاية والبلاغ ، وفيه السلامة لمن سلكه حتى يفضي إلى رضوان الله سبحانه وتعالى في النعيم الخالد .

        هذه هي النعمة الكبرى وأما الدنيا فلا شأن لها ، وإن عرضة واحدة يعرضها الكفار على جهنم تنسيهم كل ما ذاقوه من لذائذ ، وكل ما مر بهم من أفراح في هذه الدنيا .

        هذه الليالي الكريمة حفلت بذكرى بدر ، وقد سمعتموها ، وإنها لتحفل أيضاً بذكرى أخرى هي ذكرى لقاء جبريل عليه الصلاة والسلام نبينا صلى الله عليه وسلم في غار حراء حين فجأه الوحي فيه ، وحين أخبره أن الله تبارك وتعالى أرسله إلى الخلق كافة.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر : مجلة الشهاب العدد السابع السنة العاشرة 1389/1969

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين