أخي الحبيب ...

أرجو أن تقرأ هذه الرسالة بنفس الهدوء الذي كتبت لك بهبعيدا عن الانفعال أو اتخاذ موقف سلبي قبل أن تستكمل قراءتها فالعاقل الفطن منيستمع ويقرأ للنهاية ثم هو و شأنه ! قد يقوم البعض منا بأعمال يكون دافعه لهاالشهوة المجردة دون التفكير المتعقل لعواقبها ومن ذلك ما يقوم به المعاكس للنساءلذا نقول له : دعنا نقف معك قليلا ونلقي الضوء على ما تقوم به
:

1ـإن الفتاة التي تعاكسها هي من أفراد مجتمعك ويعني ذلك أنك تساهم في إفساده إرضاءلشهوتك، وكان من المفترض ـ وأنت ابن الإسلام ـ أن تسهم في إصلاحه . فهل ترضى لمجتمعكوفتياته الفساد ؟‍!


2ـإن الفتاة التي تعاكسها وتسعى إلى أن تفعل بها الفاحشة أوأنك قد فعلت : إنما هي في المستقبل إن لم تكن زوجة لك فهي زوجة لقريبك أو لأحد منالمسلمين وكذلك الفتاة التي عاكسها غيرك وساهم في إفسادها قد يبتليك الله بها عقوبةلك في الدنيا قال تعالى : ( الخبيثات للخبيثين ) [ النور : 26] .

3ـإن فساد النساء يعني فساد المجتمع، وقد يبدأ من شخصك أو مما تساهم في تنشيطه وينتهيفي المستقبل مع قريباتك ومن أفسدتها اليوم أنت أو غيرك، قد تكون صديقة لزوجتك أوأختك أو قريبتك ويقمن بإفسادها ودلالتها على طريق الغواية .. فهن جزء لا يتجزأ منمجتمعك وقد حذر نبيك من مغبة الأمر فقال صلى الله عليه وسلم : ( فاتقوا الدنياواتقوا النساء فإن أول فتنة بني اسرائيل كانت في النساء ) [ رواه مسلم ]
.

4ـإن كانت الفتاة ترضى أن ترتبط معك في علاقة محرمة فما ذنب أهلها بتدنيسك لعرضهم؟

ثم هل طواعيتها لك عذر مقبول لاعتدائك ؟! بمعنى آخر لو أن أحدا من الناس بنىعلاقة غير مشروعة مع أحد قريباتك، ثم اكتشفت ذلك فهل يكفيك عذرا أن يقول لك من هتكعرضك : هي التي دعتني لذلك لتغفر له خطيئته ؟ وأسوق لك حديث الشاب الذي جاء إلىالرسول صلى الله عليه وسلم فقال له : ائذن لي في الزنا فقال صلى الله عليه وسلم : (أتحبه لأمك لابنتك لزوجتك لعمتك لخالتك ) وكان يقول : لا والله يا رسول الله جعلنيالله فداك فقال صلى الله عليه وسلم : ( ولا الناس يحبونه لبناتهم وأخواتهم وعماتهموخالاتهم أو كما قال صلى الله عليه وسلم ) [ رواه أحمد عن أبي أمامة ] .

5ـلو خيرت بين الموت أو أن يهتك عرضك ماذا تختار ؟ إذا كيف ترضى لنفسك الوقوع فيمحارم

الناس ؟! قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من قتل دون أهله فهو شهيد )[رواه أحمد وأبو داود والنسائي وهو صحيح ] .


6ـما هو الشعور الذي ينتابك وأنت تعيشفي مجتمع خنته وهتكت محارمه وأفسدت نساءه ؟

7 ـهل يكفيك من الفاحشة أن تقوم بها مرةـ مرتين ـ ثلاث أم أن الشيطان يريد لك الهلاك ؟

فالأمر لا يتوقف وهو مسلسل سقوطخطير في دنياك وآخرتك قال تعالى : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعوحزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) [ فاطر : 6 ] .

8ـسمعت عن القول المأثور ( الجزاء منجنس العمل ) فهل أنت مستعد أن تبتلى في عرضك الآن أو حتى بعد حين مقابل التنفيس عنشهواتك ؟

قد تقول : أتوب قبل أن أتزوج أو أرزق بنتا ! فأسألك : هل تضمن أنالله يقبل توبتك ولا يبتليك ؟!

قال تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) [ الشورى :[40] .
واعلم أن الذئاب كثير ولك أم وأخت وزوجة وبنت وابنةعم وابنة خال ..فاحذر وانتبه !

قال الشافعي رحمه الله :

عفوا تعف نساؤكم في المحرم *** وتجنبوا مالا يليــق بمســـلم

إن الزنى ديـْـــن فإن أقرضته *** كان الوفاء بأهل بيتكفاعلم


9ـإذا صنف الناس إلى صنفين : مصلحينومفسدين فأين تصنف نفسك ؟ وقد نهى الله عز وجل عن  الفساد قال تعالى : ( ولا تفسدواالأرض بعد إصلاحها ..) [ الأعراف : 56] .


10ـما هو شعورك وأنت تفعل الفاحشةبزانية يدخل عليك والداك وإخوانك وكل صديق يثق بك ويحبك وكل عدو يود أن يشمت بك، ثمالناس كلهم ويرونك على هذه الحال، بل ما هو موقفك وأنت بعيد عن أعينهم في مأمن لكنعين الله تراك ؟ وهل تذكرت وقوفك بين يدي الله في أرض المحشر عندما ( ينصب لكل غادرلواء فيقال : هذه غدرة فلان ) كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري .

11ـإن كنت ذكيا وحاذقا واستطعت بذكائك التلاعب بأعراض المسلمين دون أن يكتشف أمرك فماهو موقفك من قول الله تعالى : ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنمايؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار ) [ إبراهيم : 42] .


12ـهل تظن أن ستر اللهعليك في هذا العمل كرامة ؟ لا بل قد يكون استدراجا لك لتموت على هذا العمل وتلاقيالله به ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) [ رواه البخاري ومسلم ] ، ( ومن مات على شيء بعثه الله عليه ) [ السلسلة الصحيحة 1/ 282] .

13ـثم لنفترض أن الله ستر عليك ، أفلا تستحي منه وتتوب ، وإلى متى وأنت تفعلالذنوب ؟!


14ـنهاية طريق حياتك الموت ( ثم توفى كل نفس ما كسبت ) [ البقرة : 281 ] ، فهلتستطيع أن تشذ عن الخلق وتغير هذا الطريق ؟‍! إذا لماذا لا تستعد للموت وما بعدهوالقبر وظلمته والصراط وزلته !؟!
واعلم أنك تموت وحدك ، وتبعث وحدك ، وتحاسبوحدك .


15ـروى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه أتانيالليلة آتيان وإنهما قالا لي انطلق ـ وذكر الحديث حتى قال : فأتينا على مثل التنورفإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب منأسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ) فلما سأل عنهم الملائكة قالوا : ( وأماالرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني ) .
فهل تود أيها الشاب أن تكون منهم؟!


16ـقد تقول: لا أستطيع الزواج لغلاءالمهور فهل الحل الوقوع في الحرام ؟! ثم إن سلوكك طريق الحرام تواجهك فيه مصاعبوتسعى جادا لتذليلها بجهدك ومالك وفكرك وأنت مأزور غير مأجور فلماذا لا تكون لك هذهالهمة في طريق الحلال فتواجه الصعوبات ، وأنت مأجور لك الأجر وحسن المثوبة والذكرالحسن ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث حق على الله عونهم ـ ذكر منهم ـ الناكحيريد العفاف ) [ أخرجه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني ] .
فمـــاذا تختـــــار؟
إن ممارسة الشيء والاستمرار عليه مدعاة لحبه والدعوة إليه فيخشى على منداوم فعل هذه الفاحشة أن يستسيغها حتى في أهله بعد حين فيصبح ديوثا والعياذ باللهمن ذلك .

أخي المسلم ... قد تكون المرأة التي بدأت معها علاقة غير مشروعة عن طريقالهاتف متزوجة وفي لحظة ضعف أو غياب وعي استرسلت معك في الحديث ثم قمت بالتسجيلكالعادة، ثم بدأت بتهديدها .. الخ


هل تعلم أنك بهذا العمل قد ارتكبت جريمةشنعاء ؟!! ليس في حق المرأة فقط بل وفي حق زوجها الذي أفسدت عليه زوجته، والرسول صلىالله عليه وسلم يقول : ( ليس منا من خبب ـ أفسد ـ امرأة على زوجها ) [ رواه أبوداود ] ، ثم في حق أطفالها إن كان لديها أطفال فما ذنبهم أن يدنس عرضهم ويفرق بينأبويهم وقد يكون ذلك أيضا سببافي ضياعهم وانحرافهم . والمسؤول عن ذلك كله هو أنتفما هو عذرك أمام الله ؟


وختاما ...

نتمنى أن لا تكون ممن قال الله فيهم : (وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) [ البقرة : 206 ] ولكن عد إلى الله واعلم أن التوبة تَجُب ما قبلها واسع إلى التوبة النصوح قبل أنتوسد في قبرك وتحصى عليك أعمالك .


قال تعالى : ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلحفإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) [ المائدة : 39]

وقال تعالى : ( قليا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوبجميعا إنه هو الغفور الرحيم * وأنيبوا إلى الله وأسلموا له .. ) [ الزمر : 53، 54]

أخي الشاب ..

اغتنم شبابك قبل هرمك وحياتك قبل موتك واجعل هذا الذكاءوهذه الفطنة لنفع الإسلام والمسلمين ورفع شأن راية الدين . جعلك الله هاديا مهدياإماما في الخير والهدى ورزقنا جميعا العفاف والتقى ، وصلى الله على نبينا محمد وعلىآله وصحبه وسلم .
مطوية من إعداد
دار القاسم للنشروالتوزيع

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين