زفاف عالم - ذكريات مع الشيخ أحمد القلاش
زفـــــــــاف عالم
الشيخ أحمد القلاش  
خبرٌ وتعليق :
في رحاب المسجد النبوي الشريف , وقرب الزاوية الشمالية الغربية منه المواصلة بين الحرم العثماني والتوسعة الجديدة بجوار زاوية الشيخ محمد الحجار رحمه الله.
كنت بمعية الأخ الشيخ : محمد مطيع ديرشوي , والأخ السيد : عمر الكاف نتذاكر في كتاب الفقه الإسلامي لأستاذنا الدكتور: وهبة الزحيلي في أبحاث الزكاة قبل صلاة العشاء .
وبعد الأذان وصلاة السنة الشريفة أخبرنا السيد : مبشر بن الشيخ ممدوح جنيد أن شيخنا الشيخ : أحمد القلاش توفي في المشفى في المدينة المنورة بعد صلاة العصر من يوم السبت 9رجب الفرد1429هـ .
وبعد أداء الصلاة خرجت من باب الصديق , التقيت بالشيخ : حامد غريب وولديه فعزوني بوفاة شيخنا القلاش وأن الصلاة عليه بعد الفجر من يوم الأحد .
·        أكرمني الله تعالى بالحضور إلى المسجد النبوي الشريف مع الفجر في صبيحة الأحد .
فتح باب الإمام والجنائز – دخلت من هذا الباب , رأيت الجنائز مصفوفة , بينها جنازة الشيخ _ رحمه الله _
صليت مقابل الباب مقتديا بالشيخ : صلاح البدير إمام المسجد النبوي ,قرأ في الصلاة : سورة الصافات , ظهر عليه الخشوع والبكاء وكذلك على المصلين و من تلاوة الآيات المؤثرة والمعبرة , عن الحساب والعقاب والعذاب .
 بعد صلاة الفجر :
 تقدم الإمام للصلاة على الجنائز , بعدها تدفق الناس لحمل جنائزهم .
دلفت معهم حملت جنازة الشيخ من جهة اليمين وللأمام حتى خرجت من باب المسجد الشريف  , تكاثر الناس عليها وأسرعت تغذ السير إلى جنة البقيع و خلفها المحبون للشيخ من أهل العلم وطلاب الشيخ وغيرهم  .
كان مستقرها في الركن الجنوبي  الأوسط من البقيع الشريف .مقابل شهداء الحرة .
أنزل الشيخ في القبر السيدان : حسان دباغ , وعبد الرحمن حجار .
التف حول القبر كثير من الناس يساعدون في الدفن وإهالة التراب والتوديع , بين قراءة ودعاء , وترحم .
بعد انتهاء الدفن , قدمني أحد الإخوة للدعاء .
دعوت الله سبحانه وتعالى بدعوات فيها الرحمة والرضوان لشيخنا،وأ يحشرنا الله وإياه مع الحبيب المصطفى , وأن نسعد بجواره في الدارين , وأن يجير مصاب الأمة بعلمائها .
ثم دعا الشيخ حامد غريب بدعوات مباركات .
استودعنا الشيخ _ الله _ الذي لا تضيع ودائعه .
خرجنا لباب البقيع للتعزية , كان مقبل التعازي من أهل المدينة حبيب الشيخ : الشيخ عبد العزيز المكوار
ثم من أل العلم والفضل السادة المشايخ :
1-    الشيخ د. خليل ملا خاطر .
2-    العلامة العلامة محمد عوامة .
3-    د. حسن ضياء الدين عتر .
4-    الشيخ حامد غريب .
5-    الشيخ : عمر حاج إبراهيم .
6-    كنت على يسار الأخ المذكور , وعلى يمين أبناء الشيخ حامد .
وكان في حضور الصلاة أو الجنازة ممن عرفت من طلاب العلم والحب للشيخ إضافة لما ذكرت :
1-    الشيخ محمد مطيع دير شوي .
2-    الشيخ عمر الكاف .
3-    الشيخ د. سائد بكداش .
4-    الشيخ د. عبد العزيز الخطيب .
5-    الشيخ د. عبد الباسط بدر .
6-    الشيخ عدنان كردي .
7-    الشيخ محمد عدنان كاتبة .
8-    الشيخ أحمد شعبان .
9-    الشيخ محمد فتياني .
10-           الشيخ محمد عجاج .
11-           الشيخ د. أحمد خراط .
        وآخرون كثيرون لا أذكر أسماءهم , ولكن الله تعالى أعلم بهم .
وبعد الانتهاء عدنا إلى البيت بمعية الأخ حسن بكري " أبو أيمن " جزاه الله خيرا .
على أن تكون التعزية في المساء , عند الشيخ عبد العزيز المكوار في مجمع البركة الخيري
عدت إلى المنزل فكتبت هذه الكلمات التالية عن الشيخ رحمه الله
 بسم الله الرحمن الرحيم
صفحات من حياة أحمد القلاش
الحمد لله الذي جعل العلماء الشاهد الثالث على وحدانيته وعدله , قال جل من قائل : (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملئكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم )).
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي شرف العلم وأهله بقوله : (( إنما بعثت معلما )).
لقد رفع الله تعالى منار العلماء , ومراتب الأصفياء , وجعل مدادهم أعلى من دم الشهداء , حيث قال : (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) .
وجعل فقدهم ثلمة في الدين لا تسد إلا بمثلها .
وذهاب الواحد منهم أكثر خسارة من فقد القبيلة بأسرها .
كيف لا ؟ وهم سرج الأمة , ونجوم هدايتها الذين بفقدهم يوشك أن تضل الهداة .
لكن قدر الله نافذ , لا راد لحكمه , له الأمر , وإليه المرجع والمآب , كتب الموت والفناء على كل الأحياء .
والأمة الواعية : هي التي تتمسك وتسترشد , وتجل علمائها في حياتهم , وتخلدهم بالأسوة الحسنة بهم , وطيب الذكر بعد وفاتهم .
وتعد العدة لرأب الصدع , وجبر الكسر بإعداد الناشئة لرفع الراية , وإعلاء المنار , الذي حمله الرواد قبلهم من اجل ان يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله , يردون عنه كيد الكائدين , وانتحال المبطلين .
فتبقى الأمة هادية مهدية , سعيدة مسعدة وبعد :
لقد انطوت بوفاة شيخنا الشيخ أحمد القلاش صفحة من المكرمات، بل سجل حافل من الخير والعطاء تخطى المئة العام .
إنها سيرة عالم عامل , تقي فاضل , محب خاشع ضارع أحب النبيَّ صلى الله عليه وسلم حبا صادقا , وأحب من يحبه , ترنم بمديحه , وطرب لذكره , سخر لسانه وقلمه لابراز شمائله , وتعداد مناقبه , والدفاع عن دينه وكتابه .
عاش في رحاب مسجده الشريف , تالياً لكتاب الله , معلماً له , في ركن خاص به .
يصدق فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .
يؤمه أحبابه النخبة من اهل العلم والفضل .
رجا الله تعالى حسن الختام في بلد النبي عليه الصلاة والسلام عاش الثلث الأخير من حياته في رحابه وجنباته , معلما , ومفقها , ومرشدا .
بدا مسيرته العلمية في هذا البلد الطيب في الجامعة الإسلامية لعلوم اللغة العربية والحديث الشريف , ثم في مدرسة أبي بن كعب لتحفيظ القرآن الكريم بإدارة الشيخ محمد صديق الميمني , ثم في المسجد النبوي الشريف , وفي المجالس الخاصة في رحاب مجالس الشيخ محمد زكريا البخاري , رحمه الله , وفي بستان الشيخ عبد الحميد عباس بجوار مسجد قباء , أو في منزله العامر , وطالما سعدنا بصحبته في هذه المجالس مع خلص أصحابه أمثال الشيخ : محمد الحجار رحمه الله , والشيخ حامد غريب وغيرهم من الأحبة .
حياته العلم والعطاء , لسانه وحاله , وحكمه يقول :
أدم للعلم مذاكرة                    فحياة العلم مذاكرة
 مؤلفاته ومصنفاته :
فيه فقه اللغة وسر العربية , وعنده بدائع الصنائع من ترتيب الشرائع , يسر البلاغة لطلابها , وأحسن المساعي في إبرازها , أبدع الحكم لقصادها , وجنى ازهار الحديقة لروادها , ابرز محمدا صلى الله عليه وسلم البطل لأهل الشجاعة , وأظهر يوسف الصديق عليه السلام للشباب في مواطن العفة والقناعة .
ولم ينس الصغار من تربية  ولم يبخل على الكبار من إرشاد وحكمة .
جمع فأوعى أشتات العلوم , صال وجال في المنثور والمنظوم , تجلى في غزارة العلم , وسيولة القلم .
فيه توقد الذهن , وظرافة الروح , , وحلاوة الدعابة , لا يمل جليسه , ولا يسأم حديثه
ولادته ونشأته :
ولد شيخنا رحمه الله في مدينة حلب الشهباء مدينة العلم والعلماء وموطن العزة والإباء عام 1910م
أكرمه الله تعالى بشرف الانتساب إلى العلم الشرعي في سن مبكرة من حياته .
1-    التحق بالمدرسة الشعبانية فدرس فيها سنة .
2-    ثم التحق بكعبة العلم ومرتع العلماء ( المدرسة الخسروية ) رضع لبان العلم وغذي بالمعرفة في جنباتها على كبار علماء العصر آنذاك  .
يقول في حقهم – تلميذهم – الشيخ محمد الحامد – رحمه الله – وهو من هو :لم أجد في دراستي في الأزهر من يضارعهم
من هؤلاء الأعلام :
1-    الشيخ ابراهيم السلقيني الكبير جد مفتي حلب فضيلة الشيخ الدكتور ابراهيم السلقيني علم العربية والفقه وشيخ المدرسة الخسروية أحد العلماء الأعلام ومشاهير الأولياء الكرام .
2-    الشيخ احمد الشماع , العالم الجليل مدرس التفسير , والشيخ النحرير .
3-    محمد راغب الطباخ المحدث المؤرخ البحاثة العلامة .
4-    عمر المارتيني الفقيه الشافعي الكبير المعمر .
5-    سعيد الإدلبي الفقيه الشافعي والولي التقي .
6-    عبد الله المعطي الإمام الفرضي .
7-    محمد الناشد أستاذ البلاغة , كان يقال فيه الزمخشري الصغير .
8-    الشيخ مصطفى باقو مدير المدرسة الخسروية .
9-    الشيخ أسعد عبه جي  مفتي الشافعية , وأترابهم من كبار العلماء .
10-           وأبرز المؤثرين فيه من أساتذته : الشيخ الجليل والمرشد الفاضل الشيخ عيسى البيانوني مدرس مادة الأخلاق , وشارك في تابينه بعد وفاته بقصيدة شعرية .
زملاؤه :
أذكر من الخريجين معه ما تسعفني الذاكرة به :
1-    الشيخ محمد سعيد المسعود رحمه الله _ مفتي الباب _ .
2-    الشيخ محمد إبراهيم السلقيني رحمه الله أستاذنا الفاضل العالم العامل والولي الكامل.
3-    الشيخ عبد الرحمن حوت رحمه الله جدي لأمي .
4-    الشيخ برهان الداغستاني الدمشقي رحمه الله .
5-    الشيخ محمد ناصر رحمه الله .
6-    الشيخ همام النعساني رحمه الله .
أما ترتيبه في الصف : فكان : الدرجة الأولى , نابغ , ممتاز .
وطالما داعبت الشيخ في آخر حياته ذاكرا له هذه الألقاب وزملاءه لأدخل السرور على قلبه .
خلق ليكون معلما :
شارك في مدارس تعليم القرآن بعد تخرجه مع صديق عمره , ورفيق دربه بكري رجب رحمه الله , ومع شيخنا الشيخ محمد اديب حسون , والشيخ مصطفى مؤذن , في سني شبابهم , فعلموا القرآن الكريم والآداب الإسلامية للناشئة في حي قارلق , والمدرسة الرضائية في العريان والتي كان يديرها الشيخ بكري رجب رحمه الله تعالى ثم استقر في جامع الميداني في حي باب النصر ( تراب الغرباء ) القريب من منزله , وكانت له فيه مكتبة عامرة يقضي معها الساعات الطوال .
يمارس دروسه ونشاطه من خلال هذا المسجد , ويبرز حبه للقرآن وتعليمه فيه , وقد حضرت عليه عدة جلسات في الجامع المذكور وخاصة في الصباح من ايام رمضان المبارك .
تدريسه في المدارس الشرعية :
1-    درس في المدرسة الشعبانية السنوات الطوال وتخرج على يديه  الطلاب الكثيرون .
2-    كما درس في المدرسة الخسروية " الشرعية " وهي مدرسته التي تخرج فيها , كنت أحد طلابه في هذه المدرسة .
3-    الثانوية الشرعية للإناث بحلب تخرج منها مدرسات وداعيات .
خروجه للدعوة إلى الله في الأرياف :
كان الشيخ رحمه الله بصحبة زميليه الشيخ بكري رجب والشيخ محمد الغشيم رحم الله الجميع يخرجون على القرى تقلهم سيارة فينزل كل واحد منهم بقرية يؤدي الصلاة في مسجدها ويفقه أهلها ثم تعود السيارة لتجمعهم ثانية في طريق العودة وهذه من مناقب ومكرمات استاذنا الشيخ عبد الله سراج رحمه الله الذي كان يشرف على هذا العمل النبيل ويرعاه .
التربية الإيمانية والتزكية :
تلقى الشيخ رحمه الله التربية الإيمانية والتزكية من مرشد عصره الشيخ محمد أبي النصر الحمصي النقشبندي وشاهد منه الكرامات الكثيرة في نفسه وغيره وما زال وفيا له ولابنه الشيخ عبد الباسط أبو النصر رحمه الله ولحفيده الشيخ اسماعيل عبد الخالق أبي النصر بعدهما
وكان دائم الزيارة لهم يحضر مجالسهم , وينشد بصوته الشجي , وحبه الأصيل معهم , وفي مجالسهم .
  ختامــــــــا :
رحم الله شيخنا رحمة واسعة، وأسكنه فراديس جنانه، وجزاه عن العلم وأهله خير الجزاء، وجبر مصاب الأمة به وبأمثاله .
هذه كلمات كتبت على عجل لا تفي الشيخ حقه ولكنها جهد المقل من أحد تلامذته
وعربون وفاء لهذا الرجل الوفي والمحب الحبيب لوالدي الشيخ محمد علي المسعود رحمه الله
وزميل دراسة وعلم وصداقة لعمي الشيخ محمد سعيد المسعود مفتي الباب رحمه الله، ولجدي لأمي الشيخ عبد الرحمن الحوت رحمهم الله  وإيانا جمعا .
كما أن فضله وعلمه شمل إخوتي وزوجتي
أسأل الله سبحانه وتعالى وهو الكريم المكرم أن يجزيه عنا خير الجزاء وأتمه وأعمه , وان يحشرنا معه في مقعد صدق عند مليك مقتدر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا تحت لواء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ... إنه ولي ذلك والقادر عليه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
 المدينة المنورة
         وكتب : عبد الله المسعود أكرمه الله بشرف الجوار والنوى فيها
 الأحد : 10 / رجب الفرد 1429هـ   13/7/2008م بالمدينة المنورة
 ألقيت في مجمَّع البركة بإشراف الشيخ عبد العزيز المكوار حفظه الله أيام عزاء الشيخ رحمه الله
واستمع إليها ثلة من أهل العلم والفضل أذكر منهم :
الشيخ د. خليل ملا خاطر , الشيخ الحبيب زين بن شميط , وحسن ضياء عتر.
والشيخ عبد العزيز الخطيب , والشيخ محمد الحياني , والشيخ مصطفى مراد , وغيرهم جزاهم الله خيرا .
 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين