معجزة القرآن في وصف الكائنات-1-

عدد آيات القرآن ستة آلاف آية، وهذه الآيات من حيث موضوعاتها الأساسية أربعة أنواع:

فأولها: آيات العقائد، وهذه فَصَّلت العقائد الحقَّة التي يجب الإيمان بها في الله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأقامت البراهين العقلية والوجدانية على هذه العقائد. والغرض المقصود بها: تكوين الإيمان الصحيح المبنيّ على البرهان الصادق، وتطهير العقول من العقائد الفاسدة وأوهام الشرك والإلحاد وما لا برهان عليه من تأليه غير الله تعالى، وهذه الآيات نحو ثلث القرآن، وإجمالها في قول الله تعالى:[قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ(1) اللهُ الصَّمَدُ(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ(4) ]. {الاخلاص}. ولهذا قيل: إن سورة الصمد تعدل ثلث القرآن.

وثانيها: آيات الأخلاق، وهذه بيَّنت أمَّهات الفضائل التي يجب أن يتحلى بها الأفراد والجماعات، وأمَّهات الرذائل التي يجب أن يجتنبوها، وأرشدت إلى ما يترتب على التمسك بالفضيلة، وإلى ما يترتب على اعتياد الرذيلة. والغرض المقصود بها: تهذيب النفوس، وتكوين الفرد الكامل والمجتمع الصالح، وإجمالها في قوله تعالى:[إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ] {النحل:90}.

وثالثها: آيات القصص، وهذه أنبأت بأخبار كثير من رسل الله السابقين وأممهم، وطرق الرسل في دعوتهم، وطرق الجاحدين في تكذيبهم والسخرية من رسلهم، وما آلت إليه عاقبة المؤمنين، وما آلت إليه عاقبة الجاحدين. والغرض المقصود بها : تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلم بما لقيه إخوانه المرسلون من قبله، وتأييده بأنباء الغيب التي لا علم له ولا لقومه بها، وعرض العبر والعظات على قومه، وأشار إلى هذا سبحانه بقوله:[وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ] {هود:120} وقوله:[تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا] {هود:49} وقوله:[لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ] {يوسف:111}.

ورابعها: آيات الأحكام، وهذه قررت أحكام العبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج، وأحكام المعاملات من عقود وتصرفات وجنايات، وعقوبات وزواج وطلاق، ونفقة وعدة وإرث. والغرض المقصود بها: تنظيم علاقات الناس بربهم، وتنظيم علاقاتهم ببعضهم ببعض، ومنع عدوان بعضهم على بعض، وتيسير تعاملهم وتبادلهم حاجاتهم في رحمة بهم ورفع للحرج عنهم، وأشار إلى هذا سبحانه بقوله:[لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا] {البقرة:286} وبقوله تعالى:[ مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ] {المائدة:6} وبقوله: [يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ] {البقرة:185}.

ومن تدبر آيات كل موضوع من هذه الموضوعات بقلب سليم وعقل مستقيم، وجدها وجهاً من وجوه إعجاز القرآن، ودليلاً على أنه تنزيل من حكيم حميد، وعلى أن الذي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وجدها كذلك ببلاغة أساليبها وفصاحة ألفاظها، وبما اشتملت عليه من معان سامية، وحقائق ثابتة، وأسرار دقيقة.

ففي آيات العقائد: البراهين التي أقامها على وجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته وعلمه، وصفت الكائنات التي خلقها الله تعالى في الأرض، والسموات بصفات، ولفتت العقول إلى سنن كونية، والأبصار إلى مشاهدات محسَّة. وكل ما جاء في هذه الآيات من صفات الكائنات والسنن الكونية كشفت حقائقَها بحوث العلماء، وبرهنت عليها وسائل البحث والاختراع، فكانت أصدق برهان على أنها من عند الله سبحانه، وعلى وجود الصانع وقدرته وعلمه، وإلى هذا أشار الله سبحانه بقوله: [سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) ]{فصلت}.

ومن هذه الآيات: [إِنَّ اللهَ فَالِقُ الحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَمُخْرِجُ المَيِّتِ مِنَ الحَيِّ ذَلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ] {الأنعام:95}. [فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ(96)]. {الأنعام}. وقوله سبحانه: [مَرَجَ البَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ] {الرَّحمن:20-21}. وقوله تعالى:[أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ] {الأنبياء:30} وقوله سبحانه: [وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ(12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ(13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا العِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ(14) ]. {المؤمنون}.

وفي آيات الأخلاق: الفضائل التي دعت إلى التمسك بها فضائل الفطرة الإنسانية السليمة التي تصلح بها البشرية، والرذائل التي حذرت منها رذائل هي مَفسدة نظام المجتمع ونفوس الأفراد. والمجموعة الخلقية في القرآن برهان على أنها من عليم خبير بنفوس الناس وغرائزهم وجميع شؤونهم، وفتح مبين لتكوين بيئة صالحة، وقد وصفت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولها: (كان خُلقه القرآن) أي: ما جاء في القرآن من أخلاق.

وفي آيات القصص: بيان أخبار أمم بادت، ولا آثار ولا معالم تدل عليها، وبيان ما دعا به رسل الله السابقون، وما دعوا إليه وما أجابهم بهم قومهم، وبيان عاقبة كل فريق من قوم الرسل، وبيان بعض حوادث مستقبلة لم تكن وقعت، مثل قوله تعالى:[الم(1) غُلِبَتِ الرُّومُ(2) فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ(3) ]. {الرُّوم} وغير ذلك من أنباء الغيب التي تنطق بأنها وحي من الله العليم بما كان وما يكون.

وفي آيات الأحكام: الأحكام التي شرعها أحكام حكيمة تحقق مصالح الناس وتقيم العدالة بينهم في كل زمان ومكان، مجملة فيما يتطور بتطور أحوال الناس، ومفصَّلة فيما لا تطور فيه، وتكمل تشريعاتها الجزئية أحكام كلية لتصلح للتطبيق على ما يقع من الحوادث، وترشد إلى الحكم التشريعية السامية التي قصدها الشارع من الأحكام، ليكون للعقول متَّسع في إلحاق الأشباه بالأشباه، وسنّ ما يحقق الحكمة الإلهية، ولم يتعارض حكم وحكم، ولم تختلف قاعدة وقاعدة:[ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا] {النساء:82}.

والحق أن كل مجموعة من هذه المجموعات الأربع برهان صادق على إعجاز القرآن، وعلى أنه منزَّل من عند الله تعالى، سواء أنظر فيها المنصف من ناحية بلاغة أسلوبها ومطابقة كل آية فيها لمقتضى الحال التي وردت فيه، ووضع كل كلمة فيها في موضعها الملائم لها، أم نظر فيها من ناحية معانيها الحقَّة السامية ووفائها بالغرض المقصود بها، وإشارتها إلى أسرار علمية دقيقة، وإلى حكم تشريعية بالغة، أم نظر فيها من ناحية اتساقها في عباراتها ومعانيها، وأحكامها ونظرياتها، فلا تناقض ولا اختلاف، ولا تعارض، ولا تضارب.

ولو أفردت كل مجموعة منها بالبحث المستفيض لكانت للمسلمين أسفار أربعة:

معجزة القرآن في وصف الكائنات، ومعجزة القرآن في تهذيب الأخلاق، ومعجزة القرآن في قص القَصَص، ومعجزة القرآن في تشريع الأحكام. وانتظم البحث في كل مجموعة الناحية البلاغية اللفظية، والناحية العلمية المعنوية، والأسس التي بنيت عليها كل مجموعة، والنظريات التي قررتها، ووُضِّح هذا كله على ضوء المستكشفات، وطرق البحث الحديثة.

لو وُفِّق إلى هذا علماء المسلمين لخدموا القرآن أجلّ خدمة، وكشفوا ما في آياته من علم وخير وهدى ورحمة، ويسَّروا منهله العذب الفيَّاض لكل وارد، فمن أراد العقائد والحقائق الكونية والخواص التي أودعها الله تعالى في خلقه، رجع إلى مجموعة آيات العقائد. ومن أراد الأخلاق والوسائل الإلهية لتهذيب النفوس رجع إلى آيات الأخلاق. ومن أراد قصص الرسل والأنبياء وأممهم وبلدانهم والعظات والعبر من سيرهم رجع إلى مجموعة القصص. ومن أراد التقنين رجع إلى آيات الأحكام، وتشريع القرآن وحكمه وقواعده في مجموعة آيات التشريع والأحكام. وبهذا نتجلى مقاصد القرآن ومسالكه في إصلاح العقائد، وفي تهذيب النفوس، وفي الوعظ بحال الرسل والأمم، وفي التشريع والتقنين، ونتبين سنته ورسالته وهدايته في كل نوع من أنواع إصلاح الأفراد والجماعات.

وقد وفقَّ الله سبحانه العالم الفاضل الأستاذ حنفي أحمد عميد مفتشي العلوم ومدير عام تعليم البنات بوزارة المعارف سابقاً إلى إخراج كتاب سماه: (معجزة القرآن في وصف الكائنات) جمع فيه الآيات الكونية في القرآن، وقسمها حسب موضوعاتها إلى خمسة أقسام: آيات الخلق العام للسموات والأرض وتدبير الأمر فيهما، وآيات الخلق الخاص بالأرض التي يسكنها الناس وإعدادها للحياة، وآيات خلق النبات والحيوان، وآيات خلق الإنسان، وآيات سنن الله تعالى في إيجاد العالم وفنائه بقيام الساعة.

وفي كل قسم من هذه الأقسام فسر الآية حسبما فسرها أشهر المفسرين، وحسبما تدل عليه ألفاظها لغة، وعقَّب على تفسير كل آية بتعليق يزيد المعنى وضوحاً، واستنبط من آيات كل قسم القضايا الجزئية والكلية التي تؤخذ منها، ثم وازن بين هذه القضايا التي استنبطها، وما أثبتته أحدث البحوث العلمية من حقائق ونظريات علمية، ثم أبان الغرض المقصود من هذه الموازنة، وهي دلالتها على إعجاز القرآن في وصف الكائنات.

والكتاب خدمة جليلة من أجلِّ ما يخدم به القرآن الكريم، ويشهد لمؤلفه بقوة الإيمان، وسعة العلم، ودقة البحث، وأسأل الله أن يجزيه عنه خير الجزاء، وقبل أن أذكر بعض ما لاحظته في قراءتي العاجلة وأقدم للقراء نماذج من بحوثه، أذكر كلمة موجودة بشأن البحث في الآيات الكونية في القرآن:

هل تبحث الآيات الكونية في القرآن على ضوء الأصول العلمية ومستكشفات البحث الحديث؟

يرى بعض الباحثين أن القرآن أنزل لهداية الناس: بإصلاح عقائدهم، وتقويم أخلاقهم، وتنظيم عباداتهم لربهم ومعاملات بعضهم لبعض، ولم يقصد إلى تقرير نظريات علمية كونية، ولا إلى تبيين دقائق الخلق وأسباب ظواهر الكائنات، وعلى هذا يرون أن الآيات الكونية في القرآن يجب أن تفهم على ما تدل عليه ألفاظها، وعلى ما ينطبق على المشاهدات المحَسَّة، كما كان يفهما العربي الذي نزل القرآن بلغته وخُوطب به على قدر علمه، ولا ينبغي أن تفهم هذه الآيات على ضوء البحث العلمي الحديث وما وصل إليه العلماء من مستكشفات ونظريات؛ لأن هذا يخرج بالآيات عن المقصد الأساسي الذي أنزلت من أجله، ويؤدي إلى التردد والتزلزل في فهمها كلما كشف البحث نظرية بدل نظرية، أو وصل إلى حقيقة غير حقيقة.

وأنا أوافق هؤلاء في أن المقصود الأساسي من القرآن أن يكون رسالة هداية لإصلاح العقائد والأخلاق والعبادات والمعاملات، ولكني أخالفهم في أن هذا يقتضي أن لا تبحث الآيات الكونية البحث المستفيض، وأن لا تُستنتج منها النظريات والحقائق العلمية، وذلك لأن الله سبحانه برهن على وجوده ووحدانيته وقدرته وعلمه بلَفْت العقول إلى آياته في الأرض وفي السماء وفيما بينهما، وإلى سنته في نواميسه في خلقه وقال: (أفلا تتفكرون، أفلا تعقلون، أفلا ينظرون...) ومعنى هذا أنه سبحانه أقام الدلائل وطالب العقول أن تفكر في وجوه الاستدلال بها، وكلٌّ يهتدي بوجه الاستدلال والاهتداء الذي يصل إليه عقله وعلمه.

فالأمي يفهم هذه الآيات والدلائل كما تدل عليه ظواهرها، ويطبقها على مشاهداته التي يراها، ويهتدي بها حسب تفكيره وعلمه في يسر وبساطة، كما قال العربي: البعر يدل على البعير، وآثار الأقدام تدل على المسير، فالسماء ذات الأبراج، والبحار ذات الأمواج، والأرض ذات الفجاج، أفلا تدل على اللطيف الخبير...

والباحث العلمي يفهم هذه الآيات كما تدل عليه ألفاظها، وكما ينطبق على المشاهدات المحسة، ولكنه بما وصل إليه من علم يفكر فيها تكفيراً أدق، ويهتدي إلى أسرار معانيها الظاهرة، وإلى سعة دائرة هذه المعاني، فيضيف وجوها جديدة من وجوه الاستدلال بها على وجود الله تعالى ووحدانيته وقدرته وعلمه، فهو لم يخرج بالآيات عن مقصدها الأساسي، وإنما اهتدى إلى وجوه دقيقة تجعلها أوضح دلالة على المقصود بها، وكشف وجهاً من وجوه إعجازها، لأنها دلت على ما لم يهتد إليه أحد من البشر قبله.

خذ مثلاً يوضح هذا: قال الله تعالى:[وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ] {الحجر:22} المعنى المتبادر الظاهر الذي يفهمه الإنسان أن الله سبحانه أرسل الرياح لواقح، أي حوامل تحمل السحاب وتنقله من مكان إلى آخر لينزل الغيث حسب إرادة الله تعالى وتقديره. والباحث العلمي يفهم من الآية هذا المعنى المتبادر ولكنه لا يقتصر عليه، لأن البحث العلمي كشف أن الرياح تحمل مادة التلقيح من شجر إلى شجر، ومن زهر إلى زهر، فهو بهذا يفهم من (لواقح) معنى أعم، ويكشف وجهاً من وجوه إعجاز القرآن بدلالته على حقائق لم تستكشف إلا بعد قرون من إنزاله.

وإذا تغيرت النظرية العلمية أو استكشفت حقيقة بدل حقيقة لا يؤدي هذا إلى تغير الآيات، وإنما يؤدي إلى تغيير فهمها ووجه الاستدلال بها.

ومن جهة أخرى: الله سبحانه امتنَّ على الإنسان بأنه جعله خليفة في الأرض ليحييها ويعمرها، ولا يتم له أن يحييها ويعمرها إلا إذا عرف أسرار الكائنات والخواص التي أودعها الله تعالى في الأجسام، وهذا إنما يكون بالتفكير في سنن الكائنات ونواميسها، وبالوسائل العلمية التي كشفت كنوز الأرض وعجائب السموات، واستخدمت ما خلق الله تعالى في عمارة كونه.

وإن شاء الله ننشر في العدد التالي بعض نماذج من بحوث هذا الكتاب، وبعض ما نلاحظه عليه.

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 

المصدر: مجلة لواء الإسلام، العدد الثاني، المجلد الثامن، شوال 1373يونية 1954

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين