الحوار وآدابُه في الإسلام

الحوار في اللّغة: مصدر حاوره: إذا راجعه في الكلام وجاوبه، قال تعالى: ( قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ ). الكهف/ 37 . أي: يراجعه في الكلام ويجاوبه.

أمّا في الاصطلاح فهو: المراودة في الكلام، أي: الأخذ والعطاء فيه.

ومن المعاني القريبة من معنى الحوار: المناظرة الّتي يراد بها: إبداء كل من الطرفين وجهة نظره إلى شيء ما، ودفاعه عنه بالحجة والبرهان. وكلاهما أي: الحوار والمناظرة جدال بالّتي هي أحسن.

وإذا كان الإسلام قد رفض المِراء ـ الجدال بالباطل ـ كما روى الترمذي من قوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِ الجنة "، فإنّه أمر بالحوار سبيلاً للوصول إلى الحقّ وتبيُّن الرأي السديد، قال الله تعالى: ( اُدعُ إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ). النحل/125 .

ومن الأمور التي يجب مراعاتها في الحوار ما يلي:

1ـ إخلاص النية لله تعالى، وأن يكون الهدف هو الوصول إلى الحقيقة، قال الإمام الشافعي رحمه الله: " ما ناظرتُ أحداً إلا ودِدْتُ أن الله تعالى أجرى الحق على لسانه ".

2ــ أن يكون الحوار أو المناظرة في قضية واقعة أو قريبة الوقوع، وذلك لتوعية الناس فيها، وتحذيرهم من سلبياتها.

3ـ فهمُ أسلوب تفكير الطرف الآخر ونفسيتِه، ومعرفةُ مستواه العلمي، وقدراته الثقافية والمعرفية؛ ليخاطَب بحسب ما يناسبه.

4ـ حسن الخطاب مع الطرف الآخر وعدم استفزازه وازدرائه. قال الله تعالى لموسى وهارون: ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ). طه/44 .

5ـ حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر، واستيعابها وفهمها فهماً صحيحاً، وعدم مقاطعته، أو الاعتراض عليه أثناء حديثه.

6ـ أن يكون الكلام في حدود الموضوع المطروح، وعدم الانجرار أو الدخول في تفريعات موضوعات أخرى.

7ـ البعد عن اللجج، ورفع الصوت، والفحش في الكلام، ففي صحيح البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا الفاحش ولا البذيء ".

8ـ البعد عن التنطُّع في الكلام والتحذلق فيه، وعن الإعجاب بالنفس، وحب الظهور، ولفت أنظار الآخرين ونوال إعجابهم.

9ـ عدم التعجُّل في الكلام وإصداره إلا بعد التفكر والتأمل في مضمونه، وما يترتب عليه.

10ـ أن يكون الصوت مناسباً متوازناً غير مرتفع؛ إذ ليس من قوة الحجة المبالغةُ في رفع الصوت في الحوار، بل كلَّما كان الإنسانُ أهدأَ في حواره كان أوعى لما يقول وأقوى حجة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين