نقطة منهجية في قراءة الكتب الفقهية

هناك مؤلفات كُتبت للتدريس فقط

فمثلا في المذهب الحنفي : متن ( القدوري ) وشرحه ( اللباب )

وكذلك ببقية المذاهب ..

فهذه لانجد فيها الأدلة الشرعية ولا مسالك التعليل ولا البناء على الأصول ولا توجيهات المذهب واختياراته ..

لأنها متونٌ كتبت كتعريفات أولية للصغار ليحفظوها, ثم لاشتهارها لاحقا شُرحت لطلبة العلم, غالبا وجيزا وأحيانا وسيطا.

والشيخ المُدرس هو من عليه ذكر الأدلة والتعليل .. وذلك أثناء تدريسها.

بينما هناك موسوعات فقهية ضخمة تعتبر أمّات هذا العلم

لايمكن للباحث في الفقه تجاوزها لثرائها وغناها, مثل :

- بدائع الصنائع ، للكاساني ( الحنفي )

- التمهيد ، لابن عبد البر ( المالكي )

- المجموع ، للنووي ( الشافعي )

- المغني ، لابن قدامة ( الحنبلي )

فواحدها, وإن كان غيرَ معتمَد ٍ بشكل نهائي للفتوى في مذهبه, كونه غيرَ مختص ٍ بها وإنما مهتم ( بالفقه المقارن ) , لكنه يظل المرجعية لمعرفة " مسالك الاستدلال " ..

وعن تجربة شخصية أقول : 

مهما كنت خصما علميا لمذهب ما, لكنك إذا رجعت لمذهبه في إحدى الموسوعات أعلاه (( سيُقنعك )) .

لأنه يذكر حكم المسألة 

ثم دليلها من النصوص الشرعية

ثم الرد على المخالفين من بقية المذاهب ..

وكل ذلك بعقلية فقهية ونفَس ٍ طويل ..

لذا كشافعي إن أردت حفظ متن ( أبي شجاع ), فذاك غير كتاب الدراسة ( كفاية الأخيار )، وهو غير كتاب الفتوى ( مغني المحتاج )، وهو غير كتاب الأدلة والتعليل ( المجموع ) .

فكل واحد منها له اختصاص.

وبالتالي المنهج العلمي يحتم عليك حينما تريد معرفة أقوال المذهب الحنبلي مثلا, ألا تأخذها من كتب خصومه ككتب المالكية , وإنما ترجع لمظانها المعتبرة ( الإنصاف، للمرداوي ).

تبقى نقطة أخيرة: ذكرتها في مقالي عن ( مادة فقه الدليل ) :

أن كتب شرح أدلة الأحكام من " القرآن " 

ككتاب الجصاص الحنفي, وابن العربي المالكي, والكياهراسي الشافعي ..

وكذلك كتب شرح أدلة الأحكام من " الحديث " 

ككتاب ( سبل السلام ) للصنعاني, و ( نيل الأوطار ) للشوكاني, و ( طرح التثريب ) للعراقي, و ( الإحكام ) لابن دقيق العيد ..

فهذا وإن كانت تذكر المسائل الفقهية والأقوال فيها, إلا أنها أيضا لاتعتبر مصدرا نهائيا للفقه, لأنها مهتمة بنقل الأقوال المتعددة حول الدليل , وبالتالي لا يؤخذ منها بشكل رئيسي الفقه المذهبي المعتبر , لأن كتب الفقه المعتمدة تسرد كافة الجزئيات الفقهية ضمن سياق موضوع واحد وبصورة متكاملة, مع التحقيق و ترجيح المُفتى به في المذهب ..

هذا مابدا لي, والله تعالى أعلى وأعلم.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين