وجوب اقرأ

خَتمَ اللهُ الأنبيّاء بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وخَتمَ الأديان بالإسلامِ، وخَتمَ الكتب السماوية بالقرآن، وجعلهُ معجزةً لرسولهِ صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة.

نزلَت اقرأ ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب، فقرأ ما أقرأه الله دون أن يتعلّمُ القراءة، وظلّ القرآن معجزة خالدة لرَجُلٍ أميٍّ لا يعرفُ القراءةَ ولا الكتابة !!

لقد استغنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعلّم القراءة بتعليم الله له، كي لا تسقُط معجزتهُ الأميّة، وتبقى مُبهرةً إلى يومِ القيامة.

لكن الله أمَرَ المسلمين بالعلم وحثّهم عليه حيثُ قال رسوله صلى الله عليه وسلم :

"طلبُ العلم فريضة على كلِ مسلمٍ ومسلمة"

وفي حديث آخر:

"من سلَكَ طريقًا يلتمسُ فيه علمًا، سهَّل الله لهُ طريقًا إلى الجنة"

لقد أعطى الله القراءة والكتابة عنايةً كبيرةً واهتماماً عظيماً، فابتدأ بها رسالتهُ، وجعلها عبادةً وقرُبةً إليهِ، وفرضها موجبةً على عباده حسبَ استطاعتهم فقال:

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ} سورة العلق.

 

وحثّ على العلمِ بقوله:

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} المجادلة: 11

وفرّقَ بين الجهل والعلم بقوله:

{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} الزمر: 9

وشجّعَ عبادهُ على متابعةِ العلم بقوله:

{وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} طه: 11

خلقَ اللهُ القلمَ قبلَ أن يخلقَ السموات والأرض، وأمرهُ بالكتابة، فكتبَ ما كانَ وما يكونُ إلى يومِ يُبعثون !

رفع اللهُ مكانةَ القلم بتسمية سورةٍ باسمهِ "سورة القلم"، وأقسمَ بهِ تشريفاً لهُ "وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ"، وقرَنهُ بالقراءة وجعل العلمُ لازماً.

وبنزول اقرأ في غار حراء، انتهى صعود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجبل، وبدأ تبليغ اقرأ على الأرض، فانتقى سُفراءهُ بعناية ليقرأوا رسالة الإسلام على ملوك وأمراء وقياصرة الأرض، واختارَ لهذه المهمة العظيمة أشخاصاً مميّزون بالعلمِ والذكاءِ والمنطقِ السليم، فكانَ كلامهم الأجمل في تبليغ الرسالة.

وبوجوبِ اقرأ، أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة بكتابة الوحي، وتمّ تَدوينه بحضورهَ.

وبوجوب اقرأ أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابة دستور المدينة، وافتدى أَسْرَى المشركين في بدرٍ أنفسَهم بتعليمِ المسلمين، ودَوَّنَت السنّةُ النبويةُ، وحُفِظَ الفقه، وتُرجِمَت الكُتب، واجتهدَ علماء الشريعة.

فآيةُ اقرأ هي أمرٌ من اللهِ وواجبة بشقيها التبليغي والتعليمي كي تتعارف الشعوب على بعضها، وتصل رسالة محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين.

اللهمّ علّمنا ما ينفُعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وصلّ اللهُمّ على نبيّنا محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين