الإنسان في سوق العرض والطلب

بعد أن اكتفت أوروبا وأمريكا من تجارة العبيد في أفريقيا لبست ثوب الإنسانية وأصدرت التشريعات التي تحرم تجارة العبيد .

وفي أحد مراكز تصدير سلعة (الإنسان) في "زنجبار" أقام الإنجليز كنيسة كاثوليكية في المكان التذكاري لسوق العبيد برغم عدم وجود مسيحيين في الجزيرة المسلمة ، لتثبت أنها الرحمة المهداة إلى أفريقيا السوداء .

وفي ذات المكان تجد لوحات مصورة ومكتوبة تتحدث عن تاريخ المكان في تجارة العبيد وتنسب للعرب الأشرار حكام الجزيرة وتجارها (كانت الجزيرة تحت حكم سلطان عمان ) جريمة المتاجرة بالعبيد ، وتزيد عليها قتل الأفيال للتجارة بالعاج . !

برغم أن أفريقيا جنوب الصحراء من ساحلها الشرقي للغربي دخل أهلها في الإسلام بلا حرب ولا قتال ، وأقامت ممالك مزدهرة في عصر الظلمات الأوروبي ،وبرغم أن خط سير تجارة العبيد كان من أفريقيا إلى أوروبا وأمريكا وليس في اتجاه الدول العربية ، وبرغم أن أول من فتح خط التجارة هذا هم البرتغاليون .

وهكذا صدرت التشريعات الغربية بتجريم تجارة العبيد لا عن رأفة ورحمة ولكن لاكتفاء السوق وانتفاء الطلب .

أما المتهمون فهم العرب والمسلمون .!!

والغرب الذي يرمي العرب والمسلمين بكل نقيصة مازال في عصرنا هذا متزعماً التجارة في البشر .

[أثناء إقامة كأس العالم لكرة القدم بألمانيا عام 2006 تم بناء بيت دعارة ضخم عبارة عن مجموعة عِشَش داخل قطعة أرض مسورة مساحتها 30000 متر مربع يتسع لاستقبال 650 زبوناً ذكراً بجوار استاد "برلين" وتم استيراد 40000 امرأة إضافية من الخارج لهذه المهمة .

ولم تكن ألمانيا استثناءً ، ففي عام 2004 في أثناء الأوليمبياد المنعقدة في "أثينا" تم السماح بزيادة ثلاثين بيت دعارة جديد وسمحت باستيراد 20000 امرأة لتلبية الطلب المتزايد أثناء الأوليمبياد ] .!! 

(نقلاً بتصرف عن كتاب الخروج من الرأسمالية تأليف "هيرفي كيمف" ).

وهذه الحروب المشتعلة في بلادنا هي جزء من هذه التجارة ، فالذي يملك تصنيع السلاح والسيطرة على تجارته هو من يملك تحديد أماكن احتدام الصراع وتغيير موازيين القوى وتوفير المدد والذخيرة التي تحدد القدرة على استمرار الصراع أو إيقافه .

وبعد كل هذا يرمون العرب والمسلمين بكل نقيصة يشاركهم في هذا بنو جلدتنا من أصحاب الأقلام الجاهلة أو المأجورة ، بل ويشاركهم ساسة في أعلى هرم السلطة في بلاد المسلمين .

ونحن هنا أمام خطرين :

الأول : هو الهزيمة النفسية وتصديق التهم التي يلقونها علينا ومن ثم الوقوع في شرك احتقار الذات والتسليم بدونيتنا وتفوقهم .

والثاني : هو التخلي عن القاعدة القرآنية الإنسانية الخالدة : ( لَيْسُوا سَوَاءً ? ..) آل عمران (113)

فنضع الغرب كله في سلة واحدة ، مع أن أمريكا التي أنجبت الوجه القبيح "ترامب" ، هي ذاتها التي أنجبت تلك الوجوه الإنسانية الراقية الجميلة التي تجوب الشوارع والمطارات رفضاً لسلوكه العنصري .

وأمريكا التي أوصلت الوجه القبيح "ترامب" لمنصب الرئاسة هي ذاتها التي أوصلت "إبراهام لينكولن" الذي خاض حرباً أهلية من الشمال الأمريكي ضد جنوبه من أجل تحرير العبيد .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين