المرأة المفترى عليها


نشأت في مجتمعاتنا مع تطاول الأيام اعتقادات وعادات تخصُّ المرأة في كثير من شؤونها ويُلزمها بها المجتمع أو الرجل ، ليس لها أي دليل شرعي ، وكان في كثير منها هضم لحقوقها ، بل ازدراء بكرامتها… !
وإذا أردنا أن نذكر أمثلة على هذه الأعراف والاعتقادات ، فقد يطول بنا الحديث… منها : أن الرجل ينظر إلى حقوقه فيطلب أن تكون موفرة كاملة ، ويفرط في حقوق زوجته ! . وبعض الأولياء في بلادنا يتعدى على مهرها ! والله تعالى يقول : { فلا تأخذوا منه شيئاً }. وكثيرون يستلبون حقها في الميراث !.
والأكثرون ينظرون إلى خطئها أضعاف ما ينظرون إلى إساءة الذكر ! بل بعض الرجال في بلادنا ربما أكل مع كل أحد ، وخالط كل أحد ، ويأنف أن يجالس زوجته !
وعدد غير قليل في حياتهم اليومية يأنفون في معرض حديثهم أن يقولوا : قالت زوجتي فلانة أو فعلت ؛ بل يقولون : قالت أجلك الله ، وفعلت أعزك الله ، كما يقولون عند ذكر الدواب والبهائم !!
والنبي صلى الله عليه وسلم قدوة وأسوة للعاملين ذكر اسم زوجه عائشة ما لا يحصى قالت عائشة ، وفعلت عائشة…
أما مشاورة النساء في الأمور المهمة فشيء شبه معدوم اليوم ، والنبي صلى الله عليه وسلم استشار زوجه في أحلك الظروف . وقال لأم هانئ رضي الله عنها : لقد أجرنا من أجرت يا أم هانئ . وهذا يتعلق بالسياسة الشرعية وهو أرفع قضايا الأمة ! ونحن قد اخترعنا حديثاً موضوعاً : “ شاوروهن وخالفوهن ” وهذا من المضحكات المبكيات وكثيرون قد كتبوا على بناتهم الأمية والجهل مروّجين لحديث مختلق أيضاً : “ لا تعلموهن الكتابة ” !.
هذا مع غير ذلك كثير مما جعل كثيراً من أعداء المسلمين من المفكرين وغيرهم يستهويهم الحديث عن المرأة وقضاياها في مجتمعاتنا ، وينبرون مدافعين - في زعمهم - عن قضايا المرأة ، وكرامة المرأة ، وحقوق المرأة…
وتدبج المقالات ، وتعمق الدراسات ، وتعقد المؤتمرات عن المرأة ! ويوهمون كل من حضر طرفاً من هذه اللقاءات ، وقرأ شيئاً عن هذه الكتابات بنتيجة معدة بعناية وهي :
أن المرأة لا سعادة لها في الشرق إلا بأن تحتضن ما عند غيرها ، وبخاصة المرأة الغربية ، ويجب أن تثور على واقعها المهين ، وتنتهي من ذل عبوديتها ! ومما يزيد الطين بلة أن يقع الخلط واللبس الشديدان بين ما تمليه شريعتنا وبين ما تمليه أعرافنا وعاداتنا ، فما دامت المرأة هكذا في بلادنا ومجتمعاتنا فالإسلام إذن رضي بذلك وأقره !
يا أيها الناس: يقول رب العالمين : { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } ويقول عز شأنه : { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون }.
فهل تجدون تفريقاً في كتاب الله تعالى بين ذكر وأنثى ، من حيث الكرامة والمسؤولية وتحصيل الأجور والسعادة الأخروية ؟! وإن كان من فوارق فلشيء يتعلق بخصائص كل منهما مما تقتضيه الشريعة الحكيمة بل الفطرة قبل ذلك فهي من صنع الله ، والله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى…
نقول في الختام :
لكل أحد أن يتكلم عن المرأة وعن واقعها في بلادنا وعن سبل إصلاح شؤونها إلا الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي .
فالإحصاء والأرقام شاهدان على إهانة المرأة الغربية في ميادين كثيرة ، من استغلال للعمل وعدم إنصاف بالأجر ، أو القسوة عليها فيما لا يتناسب مع نعومتها ، إلى المتاجرة بجمالها وجسمها ، والتلهي بمفاتنها وجعلها محط سلعة رائجة !
وتكثر الآن الملاجئ في أوروبا وأمريكا لإيواء الهاربات من جحيم الأزواج أو العشاق !!
فهل هانت المرأة في بلادنا إلى الحد الذي صوروه ، وكرمت عندهم كما ادعوا ؟! فلكِ الله يا امرأة… وردنا ربنا إلى ديننا وقيمنا ، لنكرمك كما شاءت شريعتنا السمحاء الغراء .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين