لذة العفة



قال ابن القيم في" روضة المحبين" :
" إن للعفة لذة أعظم من لذة قضاء الوطر ، لكنها لذة يتقدمها ألم حبس النفس، ثم تعقبها اللذة .
وأما قضاء الوطر فبالضد من ذلك " .

قلت: وهذه العفة ما أحلاها عند ذوي النفوس النبيلة ، والقلوب الصافية .
ولعمر الله ، إن حلاوتها في نفوسهم أعظم من حلاوة مواقعة المعصية ، مع ما يذيقه الله لهذه الأنفس من انفساح القلب، وانشراح الصدر ، وانبساط النفس ، وحلاوة الطاعة ، والنور الذي يمشي به في الناس، والهيبة التي له في القلوب

ولهذا قيل: إن قوله تعالى {اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}
جاء بعد الأمر بغض البصر
للإشارة إلى أنه على قدر الاستعفاف وغض البصر يكون حظ المؤمن من النور .

أضف إلى ما سبق :
رفعة القدر والجاه في الدنيا والآخرة .
وتأمل الفرق بين حال يوسف عليه السلام -مع قوة الداعي - وبين حال امرأة العزيز ، وكيف انتهى الأمر إلى عزه وذلها ، ورفعته وفضيحتها .

ومما يحثك على الصبر، ويحملك على التعفف -والكلام لابن القيم -
"إجلال الجبار ،ثم الرغبة في الحور الحسان في دار القرار
فإن من صرف استمتاعه في هذه الدار إلى ما حرم الله عليه منعه من الاستمتاع بالحور الحسان هناك " اه‍

وتأمل ذينك البيتين العالين الغاليين اللذين كان يتمثل بهما سفيان كثيرا :

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
                                          من الحرام ويبقى الإثم والعار

تبقى عواقب سوء في مغبتها 
                                           لا خير في لذة من بعدها النار

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين