تشويه المهندس شحرور لصورة المجتمع الطاهر الذي أقامه النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة

 

 

لا أظن مفكراً بلغ به من التشويه والتحريف في تصوير المجتمع الطاهر الذي أقامه النبي صلى الله عليه وسلم كما فعله المهندس محمد شحرور خدمة للمشروع العلماني الغربي ، وإيغالاً في تقديم الفكر التنويري الحداثي في أبشع صوره : فلا يكتفي المهندس محمد شحرور بإباحة الخمرة والتشجيع على الزنا مع غير المتزوجة : بل يتعدي فوق ذلك ويصور مجتمع المدينة المنورة الذي أقامه النبي صلى الله عليه وسلم أنه مجتمع إباحي مثل المجتمعات الأوربية فيه البغاء ومجالس الشراب ، فيقول :

( ومن خلال الفرق بين القرية والمدينة يمكننا فهم تأسيس النبي لدولته في يثرب، وتبديل اسمها ليصبح "المدينة المنورة"، حيث أقام دولة فيها المسلم المؤمن بمحمد والمسلم المؤمن بعيسى و المسلم المؤمن بموسى، وفيها المشرك والمنافق، وفيها من يقيم الصلاة ومن لا يقيمها، وفيها دور البغاء ومجالس الشراب).

#الجواب_العلمي :

1- يطلق المهندس محمد شحرور "الإسلام" على جميع أهل ملل الأرض فيقول : مسلم محمدي ، ومسلم يهودي ، ومسلم نصراني ، وهذا اختراع منه ولو سألت أي منتسب لهذه الديانات لأنكر تسميته بالإسلام إنكاراً شديداً ولتبرؤوا من ذلك ، لأنهم لا يطلقون اسم الإسلام إلا على من اتبع دين محمد صلى الله عليه وسلم .

2- وجود المشرك أو المنافق لم يكن ظاهرة لها كيان سياسي معترف بها من قبل النبي صلى الله عليه وسلم في دولته المباركة ، بل كان المشرك منبوذاً وبعد نزول قوله تعالى :  (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَ?ذَا) أعطاهم الله تعالى فرصة محددة للخروج سواء من مكة المكرمة وبعد ذلك من المدينة المنورة ومن الجزيرة العربية فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" رواه البخاري ومسلم .

أما المنافقون فلم يكن لهم ظهور بهذا الاسم بل كانوا يتسترون فلا يظهرون كفرهم ، بل كانوا يعلنون أنهم يؤمنون بالله ورسوله ويندسون في صفوف المسلمين ، فكانوا يعاملون معاملة المسلمين حسب ظاهرهم، وعندما أرادوا أن يتخذوا مكاناً لاجتماعاهم ، وموّهوا لذلك ببناء مسجد فنزلت الآية الكريمة : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ ? وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى? ? وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا ?) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحرقه وهدمه .

3- أما قول المهندس شحرور : ( وفيها من يقيم الصلاة ومن لا يقيمها ) لم يكن في المدينة المنورة من يصرّ على عدم إقامة الصلاة علانية ، بل كانت إقامة الصلاة علامة فارقة بين المسلم وغيره كما قال تعالى : ( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " رواه مسلم .

4- ويختم شحرور مقالته الآثمة بقوله : ( وفيها دور البغاء ومجالس الشراب ) .

بهذا التمادي الوقح ، وبهذه الإباحية الخسيسة التي استقرت في نفسه فيصف بذلك مجمتع المدينة المنورة الطاهر .

دور البغاء ومجالس الشراب كانت قبل مجيء أحكام الإسلام النهائية ، ثم انتهت وأزيلت بعد نزول قوله تعالى ( ولا تقربوا الزنى ) وقوله تعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ) ، وكذلك الشأن في الخمر فعندما نزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} قَالَ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} قَالَ عُمَرُ: انْتَهَيْنَا ، رواه أبوادود والترمذي .

ومجالس الشراب انتهت كلياً في عهد النبوة بعد نزول تحريمها النهائي : جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ( كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من فضيخ زهو وتمر ، فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت ، فقال أبو طلحة : قم يا أنس فأهرقها ، فأهرقتها)  ، رواه البخاري ، وفي رواية: (فجَرَتْ أي الخمر في سكك المدينة) رواه البيهقي 

بل توقفوا عن المتاجرة بها : عن كيسان رضي الله عنه: «أنه كان يتجر بالخمر في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه أقبل من الشام ومعه خمر في الزقاق يريد بها التجارة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: إني قد جئتك بشراب جيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا كيسان إنها قد حرمت بعدك) قال: أفنبيعها يا رسول الله؟؟  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها قد حرمت وحرم ثمنها)، فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها ثم أهرقها» رواه أحمد والطبراني .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين