العمل العام والحلقة المفقودة

 

لست بصدد تقويم الثورة السورية سلبا أم ايجابا ولكن أود هنا طرح جانب محدد لبعض المخرجات السلبية التي ظهرت في المجتمع السوري بما يخص الشأن العام والتي تخص النخب المبادرة . حيث كان جليا وجود حلقة مفقودة في اكتمال كيان جماعي قوي وناجح . وتعثر معظم المحاولات لاستكمال هذا الكيان  ليكون مرجعا للسوريين  .

وعلى مختلف الاصعدة سواء  كان سياسيا ام إغاثيا ام اقتصاديا رغم وجود بعض التجارب التي تحملها النخب ذات المواصفات العالية والأخلاقيات الجيدة والنوايا الحسنة لدى الأطراف المعنية . 

واود هنا استبعاد التجارب ذات المكونات التي تحمل اجندات خاصة حيث كانت تابعة لجهات اخرى ذات ارتباط دولي او أيدلوجي او حزبي .

حيث  هناك تجارب كثيرة اخرى  كانت صادقة في نواياها ومخلصة في مكوناتها ولكن ايضا لم تنجح في استكمال كيان ثابت وقوي ومؤثر . واعتقد يعود ذلك لعدة اسباب من المهم البحث عنها وإيجاد طرق لعلاجها واستدراكها في الايام القادمة ومنها . 

?- عدم او ضحالة ثقافة العمل الجماعي في العقود السابقة في المجتمع المدني السوري. 

?- معظم النجاحات او المهارات السابقة التي برزت كانت فردية او عائلية او ايديولوجية . 

?- كثير من المكونات الفردية الصادقة في نواياها ومن النخب الواضحة في المجتمع أخذت المبادرة في العمل الجماعي ولكن دون ان يكون لديها الخبرة او التجربة في اشكاليات ومعوقات العمل الجماعي العام وما يحتاج من فن خاص . لا يفيد فيه المهارة او التفوق في التخصص ان كان على الصعيد الأكاديمي او الادبي او الاقتصادي . 

?- هناك اختلاف جذري بين العمل الخاص والعمل العام حيث العمل الخاص هناك حرية لصاحب العمل لاختيار الأشخاص الذين يتعامل معهم بينما العمل العام لا يملك هذا الخاصية .  لذا حجم المهارة في استيعاب الاخرين تحتاج ان تكون على درجة اعلى بكثير . 

?- رغم اتباع كثير من المبادرات لتكوين الكيان العام لنظم ودستور وقوانين عادلة في طريقة التشكيل الإداري او في تركيب الهرم التنظيمي الداخلي بما في ذلك لقواعد عادلة في الانتخابات وما الى ذلك . فإنها ايضا كان مصيرها الفشل او التعثر . وذلك من حيث طريقة الاختيار لدى الفرد في الانتخاب التي كانت تعود لما ترسخ في ذهن الناخب حول المرشح من اخلاق وسمعة وامانة ودين  . دون الأخذ بالاعتبار ما يحمله من مهارات ادارية او خبرات وممارسات سابقة في العمل الجماعي العام . 

?-  هناك قناعات داخلية لدينا انه من عرف عنه حسن الخلق او التقدم في العلم الشرعي انه بالضرورة يصلح في ادارة الشأن العام مهما كانت طبيعة المؤسسة المراد تأسيسها حتى لو كانت تخصصية بحتة . 

مما سبق ذكره فإنه من الضروري الاعتراف بهذه الإشكاليات والعيوب والضعف والنقص الحقيقي لدينا في هذه الخبرات التي تعود لتكون الكيانات العمل العام . وضرورة العمل على دراسة تجارب كثيرة في الدول الاخرى التي لديها ممارسات حقيقية ضمن منظومة بلدان تمتعت بالديموقراطية الحرة ولو بالحد الأدنى . 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين