لقد رغبت بتلخيص كلام الإمام ابن حجر , رحمه الله ,حول التترس بعد شيوع كلام لأحد المترخصين فيه منذ أيام
حين تجاوز وتساهل في هذه القضية الخطيرة !
وابن حجر علامة كبير وباحث معتبر , لذا كان يكتب بعقلية شاملة لكل جوانب الموضوع ..
فلا يترك جزئية مهما صغرت إلا ويغطيها, فكان طبيعيا أن يأخذ منه تأليف / فتح الباري / مايقارب الربع قرن .
وقضية التترس قد غطاها بشكل جيد, أثناء شرحه للبخاري في ( باب أهل الدار يبيتون فيصاب الولدان والذراري بياتا ليلا ... )
ولأهميتها قمنا منذ سنوات في " النادي الشبابي " في حي الوعر المحاصر , بطباعتها وتوزيعها للفائدة العلمية.
وهذه ملخصها :
حيث يرى ابن حجر أن في المسألة حديثين :
?- حديث الصعب بن جثامة , الذي يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام, عن الذراري حين يطؤهم الجيش المسلم : " هم منهم " .
وذلك أثناء الإغارة على الكفار بالليل, بحيث لا يميز بين أفرادهم ..
?- وحديث النهي عن قتل النساء والأطفال في حادثة قتل ابن أبي حقيق ..
فلم يأخذ ابن حجر بظاهر الحديث الأول " هم منهم " إنما رأى أنه جواب سؤال قد ورد عن حكم اضطرار الجيش المسلم أن يصيبهم من غير قصد منه ؟
فجاء الجواب أن حكمهم في هذه الحالة ( عن غير قصد ) هو حكم الرجال المقاتلين ..
لكن بعد ذلك قال إن الإمام الزهري - وهو من هو في رواية السنة - كان يروي مع حديث الصعب, حديثَ النهي عن قتل النساء والأطفال, وكأنه نسخه .
ولم يوافق الإمامَ الحازمي حين قال العكس, أي إن حديث الصعب هو من نسخ أحاديث النهي عن قتل الذراري, ورأى أنه قول ( غريب ) .
لأن أحاديث النهي متأخرة, في غزوة حنين .
ثم ذكر أن هناك من السلف من لايرى التترس مطلقا.
والمشكلة أن أول من أثار هذه القضية ( التترس ) هو التيار الجهادي في مصر , في الثمانينات , حين ترخص فيها كثيرا !
بل المشكلة الأكبر أنه حين يقرر مثلا تفجير موكب مسؤول حكومي ما, فيُقتل بعض المارة من النساء والأطفال الأبرياء ..
يبررون ذلك بحديث : ( .. يبعثون على نياتهم ) !!!!!!
وهذا جهل أصولي ومنهجي من هذا التيار , وما السبب إلا قلة العلماء فيه !
لأن الحديث من أحاديث " الفتن والملاحم " التي أمرنا بالإيمان بها .
بينما هناك أحاديث " الأحكام " التي أمرنا بالإيمان والعمل بها .
فالقسم الأول يندرج تحت الخطاب / القدري الإيماني / الذي لاينبني عليه فعل ولا ترك, إنما تصديق فقط .
بينما القسم الثاني يندرج تحت الخطاب / الشرعي التكليفي / المتضمن أمرا ونهيا ..
ولأضرب مثالا توضيحيا :
الرافضة ليس عندهم أي ميزان علمي, إنما فقط عاطفة سياسية مغطاة بعقيدة دينية !
لذا نجدهم يروون أحاديث المهدي , وأنه سيخرج بعد كثرة القتل والهرج .. وهي أحاديث, إن صحت, مندرجة تحت عنوان ( الفتن والملاحم ) .
فيعمدون بعد غزو العراق إلى إحداث الاضطرابات وتكثير القتل, لكي يعجلوا بخروج المهدي !
متجاوزين النصوص الشرعية, المحرمة لسفك الدماء , وهي نصوص محكمة مندرجة تحت ( الخطاب التكليفي ) .
وهكذا مع حديثنا الأنف الذكر , الذي نجده يقول :
( يغزو جيش الكعبة,فإذا كانوا ببيداء من الأرض, يُخسف بأولهم وآخرهم،
قلت : يا رسول الله كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم ؟!
قال يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم ) . البخاري .
وهو من أحاديث ( الفتن والملاحم ) وبالتالي من الناحية الأصولية بعيد كل البعد عن استدلالاتهم غير المنضبطة !
هذا مابدا لي، والله تعالى أعلى وأعلم .
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول