لا تلوموه قد رأى منْهجَ الحـقِّ مُظلما

 

هل نحن شعوب تستحق كل هذا السيل من اتهامات التخلف والخنوع والخضوع .؟!

في رأيي أن الكتلة الحية من الشعوب العربية قامت بما لم تقم به أرقى الشعوب .

الشعب السوري استمر ستة أشهر بسلميته يشيع جنائز شهداء القمع والإجرام، وانتصر فعلياً على نظام بشار المجرم بعد عام من الثورة لولا تدخل ميليشيات إيران وذيولها ثم روسيا وجيوشها .

الشعب اليمني ، قدم واحدة من أنقى وأروع وأطول ثورات العرب السلمية، وضرب أروع أمثال الرقي والتحضر في مواجهة نظام عتيد الإجرام .!

الشعب المصري كسر بسلميته واحدا من أعتى الأنظمة القمعية ، وبعد انسحاب الشرطة قام بتنظيف وتأمين الشوارع ولم تسجل حالات إجرامية إلا ماندر .!

الشعب الليبي ثار علي طاغيته وانخرط في عملية سياسية تم الانقلاب عليها بقوة السلاح والدعم الخارجي.

سنّة العراق اعتصموا سلميا في الميادين وواجهتهم حكومات طائفية بالدبابات ثم بالخيانة والانسحاب لإفساح المجال للوجه الآخر من عملتهم (داعش).

أهل غزة واجهوا آلة القتل الإجرامية الصهيونية بغطاء دولي وحصار من العدو والصديق لم يشهد التاريخ لقسوته وطول مدته مثيلاً .!

هل هذه الشعوب تستحق اللوم .؟!

هل هذه الشعوب التي برزت كتلتها الحية بكل هذا الرقي والتحضر والإصرار على نيل حريتها لا تستحق الحرية ، أو هي غير مؤهلة للديموقراطية، أو تستحق سيل الاتهامات الموجه لها .؟!

إن أوروبا وصلت للصورة المتحضرة التي نراها اليوم خلال مسيرة امتدت مائتي عام بدأت من الثورة الفرنسية وحتى سقوط سور برلين ، سالت خلالها الدماء أنهاراً في ثورات وثورات مضادة وحروب أهلية وحروب بينية بين دولها ، ودون أدنى تدخل من خارج القارة.

أما شعوبنا (المتهمة) فقد خاضت حرباً غير متكافئة واجهت فيها ما لا قِبَل لها به، فقد تآمر عليها الصديق والعدو كلاهما بالمكر والخداع والخيانة، وتخلت عنها نخبها، واصطدمت بميراث الديكتاتورية المتجذر بالفساد والتخلف، وواجهت أنظمة لم تتورع في استخدام الحصار والتجويع والدبابات والطائرات والقنابل في إبادة الشعوب ، وواجهت نظام دولي وقف بكل قواه مع الأنظمة القمعية ليس بالدعم السياسي ولا حتى اللوجيستي فحسب ؛ بل شارك بجيوشه وأسلحته في قتل الشعوب وتثبيت الأنظمة الإجرامية المتداعية.

وبرغم ذلك فمازالت الكتلة الحية من شعوبنا بالباب واقفة، تضحي وتلملم جراحها وتستجمع حلمها وتتلمس طريقها للوصول إلى حريتها.

ويقيناً بالله وثقة فيه لن يخذلها الله أبداً ولن يضيع تضحياتها هباء .

لا تلوموه قد رأى ** منْهجَ الحـقِّ مُظلما

وبلاداً أحبَّـها ** ركـنُها قـد تـهدًّما

وخصوماً ببغْيِهمْ ** ضجَّت الأَرضُ والسما

مرَّ حينٌ فكـاد يقـ ** تُـلهُ اليأْسُ إنَّـما

هو بالباب واقـفُ ** والـرَّدى منه خائفُ

فاهدأي يا عواصفُ ** خجـلاً مِن جراءتِهْ .

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين